عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Mar-2019

ولائم المناسبات .. بين البساطة في الماضي ..والمبالغة في الحاضر.!

 

عمان – الدستور - منى جمال نعلاوي - أصبحت مناسباتنا عبارة عن طاولات على مد النظر لأشكال وانواع مختلفة من الطعام والشراب، ولم تعد مشاركة الناس لبعضهم في افراحهم وأحزانهم بدافع الواجب البحت لا أكثر، بل اصبح أكثر ما يشغل بالنا عند حضور أو التحضير لمناسبة معينة سواء كنا داعين أو مدعوين، هو الوليمة المقدمة في تلك المناسبة، والتي باتت محور أهدافنا لحضور أوالتحضير لمناسبة معينة.
وكما هو رائج في مجتمعاتنا؛ تنقسم مناسباتنا عموما الى الأفراح المتمثلة في حفلات الأعراس، والأتراح والتي تتمثل في دور العزاء وأداء واجب الوفاة.
المبالغة.. والمباهاة..سمة أفراحنا في وقتنا الحاضر.!
يقول « محمد عبد الرحمن « : « ما كان يميز افراحنا قديما هو اعتمادها على البساطة، وكان الأساس فيها هو مشاركة العوائل بعضهم بعضا للتعبير عن فرحتهم في مناسبة معينة سواء كانت زواجا أ وخطوبة أو نجاحا، وبالتالي يبتعد المدعوون والمهنئون عن انتقاداتهم للحفل أو مايقدم من نوعية ولائم فيه، أما في وقتنا الحالي فقد انتشرت ظاهرة انتقادات مدعوي الأفراح، وعندها؛ ظهرت فكرة المبالغة والمباهاة في تقديم الولائم، للابتعاد عن وسائل وعبارات الانتقاد التي قد تلقى هنا وهناك، ومن الأمثلة على ذلك، تتباهى بعض العشائر والعائلات فيما بينها بعدد الأيام التي تقدم فيها الولائم في مناسباتها، فكلما زادت أيام الافراح والولائم ازدادت هيبة أصحاب المناسبة «.
المبالغة.. حتى في طقوس الأتراح.!
أما في طقوس الوفاة والعزاء يحدثنا « جمال يوسف « عما كان يحدث في الماضي من عادات اختلفت مفاهيمها الآن عن السابق، فيقول جمال « ان المبالغة في تجهيزات أماكن استقبال الغزاء وما يتبع ذلك من الولائم التي تقدم لاكرام المعزين ؛ ترهق كاهل ذوي المتوفى، وتكلفهم مبالغ طائلة قد يلجأون لاستدانتها، وهذا يحملهم فوق طاقتهم المادية والمعنوية «.
ويؤكد « جمال « أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة في الماضي، فقديما كان الأصل في هذه المناسبة هو اقدام بعض العشائر والعائلات على تقديم واجب هذه الولائم اكراما لذوي المتوفى، ومع مرور الوقت اختفت هذه العادات، وحلت محلها في الوقت الحاضر صناديق مالية تنشئها بعض العائلات، مخصصة فقط لهذه المناسبة، تدعم أهل المتوفى ماليا لاكرام ضيوف العزاء.
أما « محمد عمر « فبرأيه ؛ أن المضحك المبكي في ظاهرة المبالغة في ولائم المناسبات، وخاصة مناسبات العزاء، هي عادات الاطعام التي قد تحرم أهل المتوفى من نصيبهم في طعامه، فيقول عمر « ان وليمة الاطعام في مناسبات العزاء قد يحضرها كثير من المتطفلين، وليس بهدف المشاركة الوجدانية، ولكن بهدف الاستفادة من الوجبة المقدمة في المناسبة، ولتجنب النقص في كمية الوليمة المقدمة يتأخر ذوو المتوفى في طعامهم، وهذا ما يحرمهم من نصيبهم في الوليمة «، وحسب عمر « هذا لايمت للدين ولا للواجب بصلة «.
هل تأثرت ولائم المناسبات باختلاف الظروف الاقتصادية.؟
يجيب الدكتور « أحمد عبد الخالق « اختصاصي الطب النفسي، مفيدا ؛ بأنها فعلا تأثرت من الناحية الاقتصادية، وأصبحت العوائل بشكل عام تعجز ماديا عن تحمل تكاليف هذه الولائم المرتبطة بمناسباتهم؛ ما نتج عن ذلك تجنب اقامة هذه الولائم في كثير من المناسبات، والاكتفاء بالضيافة البسيطة البعيدة نوعاً ما عن المبالغة في المصاريف.
شهر رمضان.. احدى صور المبالغة في في الولائم..
يقول « عبد الخالق « : « ان ولائم شهر رمضان هي نوع من أنواع السنة المحمودة؛ لأنها تخلق نوعا من التواصل بين أفراد المجتمع؛ فالمتعارف عليه اجتماعيا هو اللقاء المحبب الذي يتم عبر موائد الطعام، وبالتالي اتخذتها كثير من العائلات كواجب يومي في رمضان، وحتى على مستوى الأسرة الصغيرة نجد المبالغة في تقديم أصناف الطعام على المائدة، فكيف اذا كانت الوليمة لعدة أشخاص وعائلات، فعندها ستتسم بالبذخ في كم ونوع الطعام المقدم، فنعم ؛ ولائم رمضان بشكل عام الهدف منها الخير واكرام الضيف، ولكنها مؤخرا اصبحت تحمل الكثير من معاني المبالغة والمباهاة، والكثير من الأخطاء المقصودة وغير المقصودة «.
ولائم المناسبات أحد عوامل التفرقة الطبقية في المجتمع..
يوضح « عبد الخالق « حقيقة كون هذه الولائم أحد أعمدة ظاهرة التفاوت في الطبقات الاجتماعية، فمثلا؛ عند الطبقات ذات المستوى المادي المرتفع في مناسبات الأفراح، يلاحظ وجود انتقاء للشخصيات المدعوة في الحفل، وبالتالي؛ بشكل أو بآخر، هي قلصت النشاطات والعلاقات الاجتماعية، وخلقت حساسيات معينة بين الناس، وأظهرت حالة من الجفاء والحقد الطبقي، وبالنتيجة هذا تأكيد على مبدأ الفوارق الواضحة بين طبقات المجتمع.
اجمالا؛ يقول عبد الخالق « إن أساس المشكلة يتمثل في مبدأ لفت النظر والانتباه والمباهاة التي اعتمدت عليه كثير من العوائل في الآونة الأخيرة، وبالتالي تحولت هذه المناسبات من مشاركة في الفرح أو المواساة في بيوت الأجر الى انتقاد فقط، لطريقة تقديم الولائم، ونوعية الطعام المقدم فيها، والنتيجة أنها خرجت عن مضمونها الاجتماعي الأساسي، والذي كان يقوم على مشاركة الناس بعضهم بعضا أفراحهم وأتراحهم، لتنتقل من فكرة الترابط الاجتماعي، الى الانتقاد الاجتماعي فقط لاغير «.