معاريف
يحتمل ان يكون هذا الاسبوع هو الذي ضمن فيه الرئيس ترامب انتصاره في الانتخابات القادمة. “فاز بالورقة” في الموضوعين اللذين في مركز الساحة السياسية: اجراء العزل انتهى كما كان متوقعا ببراءته التامة، ولم يكن يهم معظم الاميركيين الذين عارضوا الاجراء القضائي في الكونغرس ان تكون اللعبة في واقع الامر مباعة مسبقا. اما في ولاية ايوا، التي جرت فيها الجولة الاولى للانتخابات الداخلية للترشيح الديمقراطي للرئاسة، فليس فقط حصل المنافس الاكثر جدية لترامب، جو بايدن، نتيجة مخيبة للآمال من شأنها أن تمس في سياق سباقه، بل ان كل عملية الانتخابات عرضت الحزب الديمقراطي كمجموعة غير مناسبة لإدارة الدولة.
لم يفوت ترامب الفرصة لاستغلال “خطاب الامة” كي ينثر الملح على جراح خصومه في طرح انجازاته في المجالات المختلفة – وبالفعل ثبت، بخلاف التقديرات الشائعة، بان له بالفعل استراتيجية تستند بالاساس الى استغلال كل الادوات الدستورية تحت تصرف الرئيس لتحقيق اهدافه – دون أن يراعي القواعد الدارجة اكثر مما ينبغي او حتى الانتقاد الذي قد يثور.
ما حصل في الانتخابات التمهيدية في ايوا (والتي جرت وفقا لطريقة معقدة وغير شفافة على نحو خاص) كان يقترب حقا من المهزلة: طريقة الاحصاء المحوسبة تشوشت منذ الساعات الاولى، والشبهات المبررة او غير المبررة بالتزوير المقصود ولدت على الفور شائعات بان المؤسسة المركزية في الحزب عملت عن قصد لإفشال ترشيح بيرني ساندرز اليساري وان توقيت اجراء العزل نبع من محاولة ذكية من رئيسة مجلس النواب، نانسي بلوسي، لمنع ساندرز الذي بصفته سناتورا كان معظم الوقت مقيما في واشنطن، من أن يتنافس بكل النشاط في السابق في ايوا. وسواء كانت الشائعات مبررة أم لا، وصم الديمقراطيون بالعار وربما بلا صلاح.
ولكن ينبغي ان نتذكر بانه حتى الانتخابات تبقى اكثر من ثمانية اشهر، وهي مدة زمنية طويلة بما يكفي لتغيير الصورة الحالية – مع أن “العزل” لم يؤثر على الامريكي العادي، فان الاجواء السلبية التي نشأت في اعقاب الشهادات القاسية في الكونغرس في مواضيع اوكرانيا، وبخاصة اذا ما سمعت في نهاية الامر شهادة فتاكة من جانب جون بولتون، المستشار السابق للامن القومي المقدر والقيمي للرئيس – مع ذلك يمكن أن يؤثر على حملة الانتخابات.
اضافة الى ذلك، فان وضع ترامب في الولايات الوسطى الغربية، التي يكون تأثيرها على نتائج الانتخابات حاسما احيانا، ليس جيدا والايام ستقول اذا كان هذا الميل سيتغير.
بالنسبة لاسرائيل، فان الانتخابات في الولايات المتحدة قد تكون مهمة بقدر لا يقل عن الانتخابات عندنا، ومن هذه الناحية، حتى لو انتخب ترامب مرة اخرى، فان الانباء ليست جيدة على نحو خاص إذ انه رغم أن السياسة الخارجية الامريكية هي من انتاج البيت الابيض، الا ان المواجهة المتواصلة بينه وبين مجلس النواب الذي تحت سيطرة الديمقراطيين (وقد يكون هذا هو الوضع في مجلس الشيوخ ايضا) قد يؤثر بشكل سلبي على مواقفه تجاه اسرائيل ايضا – والدليل، في نهاية الاسبوع بعث 107 اعضاء كونغرس ديمقراطيين للرئيس ترامب رسالة معارضة لخطة السلام خاصته، لم يكن صعبا ان يلاحظ فيها أيضا نبرات مناهضة لاسرائيل على نحو واضح. ان حقيقة أنه وقع على الرسالة قرابة نصف الكتلة الديمقراطية 107 من اصل 232 اي اكثر بكثير من المجموعة المناهضة لاسرائيل في الكونغرس، مقلقة ليس فقط في السياق الاسرائيلي بل وثمة من يرون فيها اشارة تحذير من أن المجموعة آنفة الذكر تعمل بشكل نشط للسيطرة على الحزب الديمقراطي كله.
مؤشر آخر على القلق هو أن بعض اعضاء الكونغرس اليهود وقعوا على الرسالة ايضا (مع أن اليوت انجل، رئيس لجنة الخارجية في المجلس أعرب عن التأييد، وان كان متحفظا، لخطة ترامب). واضح أن امام اسرائيل ستكون في الفترة الاخيرة مهمة في غاية الاهمية – ان تقرب اليها اغلبية اعضاء الحزب الديمقراطي قبل أن يفوت الاوان.