جسر عبدون - د. محمد حمدان
الراي - لقد كان إنشاء جسر عبدون في العاصمة عمان إنجازاً مرورياً ومعمارياً رائداً، وبخاصة من حيث إعتباره معلماً حضارياً تُعرض صورته بوسائل الإعلام المرئية كرمز لعمان، وذلك على غرار عرض صورة جسر « جولدن ستيت» كرمز لمدينة سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، وعرض جسر «سيدني هاربر» كرمز لمدينة سيدني في إستراليا.
وبالإضافة إلى أهمية هذا المعنى الرمزي، فلقد أصبح جسر عبدون شرياناً حيوياً رئيساً لتدفق سير المركبات من شمال وشرق عمان إلى جنوبها وبالعكس.
هذا، وفي المعتاد يمتد الجسر بين طرفين متباعدين يفصلهما وادٍ من اليابسة أو من المياه. وإنه لمن الطبيعي أيضاً، في سياق جودة المناظر الطبيعية المجاورة للجسر كرمز حضاري، أن يصاحب الإنشاء تخطيط للموقع لإبراز جمال المساحات الواقعة سواءً أسفل الجسر أو على جانبي إرتكازه، أي على جبل عمان وحي عبدون.
وإنه لمن الجدير بالذكر أن جمال المظهر قد تحقق في الوادي الواقع أسفل جسر عبدون، وذلك من خلال جودة إنجاز شارع الأميرة بسمة شاملاً الجزء الوسطي المعد لحركة باص التردد السريع. كما أنه قد بُذل جهد جيد في تنسيق مواقع التقاطعات على الشارع المذكور، والأمر نفسه ينطبق على الجزء الواقع أسفل الجسر من سفح جبل عمان.
ولعله لم يبق من الوصف الشامل للموقع سوى بيان ما تم إنشاؤه في الجزء الواقع أسفل الجسر من سفح عبدون. فبعد استكمال إنشاء الجسر مباشرة، بدأ العمل على تنسيق هذا الموقع شديد الإنحدار، وذلك من خلال إنشاء ممر متدرج مرصوف بعرض يبلغ طوله مترين، ومحاط في جانبيه بقضبان أفقية للإتكاء عليها أثناء السير.
ويستمر هذا الممر المتدرج في الإنحدار بدءاً من أعلى السفح وإنتهاءً بأسفل الوادي، وصولاً إلى شارع الأميرة بسمة. هذا، ولقد زُرعت شجيرات يانعة على طرفي الممر، كما تم تثبيت أعمدة إضاءة جانبية على طول الممر، لتضفي على الموقع جمالاً أثناء الليل.
إلا أنه لمما يؤسف له، فيما يتعلق بالممر الموصوف في أعلاه، أنه قد أصبح مهملاً تماماً، إذ غدا مستودعاً للنفايات، وفي مقدمتها القوارير والأكياس البلاستيكية، وعلب المشروبات الغازية، والمخلفات المنزلية، بالإضافة إلى ما يتطاير مع الهواء من الشوائب المختلفة. كما أنه أصبح مغطىً في عدد من منحنياته بأغصان الشجيرات المهملة وأطراف الأعشاب الجافة. ولا يخفى على القارئ ما يؤدي إليه مثل هذا الإهمال من روائح كريهة لفضلات بشرية ناشئة عن سوء الإستخدام.
وخلاصة القول، فإنه من واجب الجهة المسؤولة أن تبادر فوراً إلى معالجة هذا الوضع المزري لسفح عبدون الواقع مباشرة أسفل الجسر، والحرص بعد ذلك على القيام بأعمال النظافة والصيانة بصورة دورية. وفي الوقت نفسه، ألا يجدر بالقاطنين بجوار الموقع المذكور أن يلعبوا دوراً فاعلاً في المتابعة، لا وبل أن يشاركوا في الحفاظ على المظهر اللائق لهذا المرفق الذي تطل عليه مكاتبهم ومنازلهم؟