عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Jan-2020

“تجميع أعقاب السجائر مقابل فنجان قهوة”.. مبادرة تشجيعية لتنظيف الطرقات
تغريد السعايدة
 
عمان–الغد-  الريادة والأفكار النابعة من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، هي تلك التي تنبع من الانتماء للوطن والمكان الذي يحتضن الإنسان، لذا يحرص أشخاص على أن يكونوا مؤثرين ويبتكرون “مبادرات” بأفكار بسيطة تسهم إلى حد ما في المحافظة على البيئة والنظافة بشكل عام، بما يتلاءم مع طبيعة العمل.
المهندس يزيد أبو حمور، الذي يملك بالشراكة مع أحد أصدقائه كوخ “البحتري” لبيع القهوة في السلط، ويقع في بداية شارع الستين المُطل على الأغوار وجبال فلسطين، لم يكن عابرا ما يراه أمام القهوة من وجود آلاف من أعقاب السجائر، التي تبقى لفترات طويلة في الشارع، بدون أن يتم التخلص منها بسهولة.
وعليه قرر أن يخرج بفكرة بسيطة متواضعة التكاليف، وفي الوقت ذاته تساعد على الحث على النظافة، والتخلص من أعقاب السجائر بكل سهولة، وذلك من خلال طرحه فكرة مبادرة أي شخص بجمع مجموعة من تلك الأعقاب، ومن أي مكان، ومن ثم وضعها في علب بلاستيكية مستهلكة، كنوع من إعادة تدوير تلك العلب أيضا، ومن ثم التوجه إلى موقع الكوخ، وتسليمها للبائع، ومن ثم مكافأته بأي نوع من المشروبات الساخنة التي يقدمها “مجاناً” ليقول لكل من قام بهذا العمل الإنساني البيئي “شكراً على أخلاقك ومساهمتك معنا في نظافة بلدنا”.
أبو حمور، خلال حديثه لـ”الغد”، أشار إلى أنه لاحظ وجود الكثير من أعقاب السجائر في الشوارع ومحيط الكوخ، وعندما قام أحد العاملين فيه بالتنظيف تبين وجود أعداد هائلة منها، ويجب التخلص منها بالمكان المناسب، كونه يضطر في الكثير من الأوقات إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه لتنظيف المكان.
لذا، كانت الفكرة من هنا؛ حيث طرح أبو حمور رغبته في أن يكون هناك مبادرات فردية من أبناء المجتمع المحلي بجمع كميات من أعقاب السجائر التي يتم رميها في الشوارع بكميات كبيرة جداً، ويوضح أن الهدف من ذلك هو أن يكون هناك دافع لدى الجميع في مدينته السلط، مبديا الرغبة في التخلص من الأعقاب المؤذية “بصرياً وبيئياً”، وتعبئتها في عبوات البلاستيك وإحضارها للكوخ، والتخلص منها بطريقة مناسبة، لجعل المدينة أنظف وأجمل بأفكار بسيطة وغير مكلفة.
تلك الأفكار، على الرغم من بساطتها ومحدوديتها، إلا أنها تعد رائدة ومميزة تنمي لدى الفرد روح الانتماء والعمل على ابتكار أفكار جديدة؛ حيث يرغب أبو حمور بعد أن لمس مدى الإعجاب الذي حظيت بها الفكرة بابتكار أفكار جديدة في المجال ذاته، والتي تهتم بالنظافة بمجهود فردي من الأشخاص، ولا ضير من مكافأة بسيطة مهما كانت، مثل كوب من القهوة أو مشروب يرغب به الفرد، مقابل أن يكون هناك نوع من التحفيز للمحافظة على مناطقنا التي تتميز بجمالها.
وعلى الرغم من التجاوب المتواضع لغاية الآن مع الفكرة، إلا أن أبو حمور ما يزال مستمراً للترويج للحملة محاولاً من خلال ذلك أن يعمم الفكرة على أكثر من مكان وفي أكثر المدن الأردنية؛ حيث قامت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تُعنى بالأمور البيئية والنظافة بالحديث عن الفكرة ومحاولة التواصل مع أبو حمور بهدف التعاون في النشر وتنظيم الحملة على مستوى وطني وليس فقط في مدنية السلط، وهو ما يتمنى حدوثه أبو حمور بالفعل، لتعم الفائدة ولإحداث تغيير واضح في الثقافة المجتمعية في المحافظة على النظافة في كل بقعة في “وطننا”.
الكثير من الدراسات البيئية تطرقت إلى أهمية التخلص من أعقاب السجائر بالطرق المناسبة، التي يمكن أن تخفف من حدة آثارها السلبية على البيئة والإنسان، فقد أفادت دراسة بريطانية نُشرت أواخر العام الماضي، “بأن أعقاب السجائر قد تكون أكثر أشكال التلوث البلاستيكي انتشارا على الكوكب مع إلقاء تريليونات منها كل عام، وتحتاج فلاتر السجائر لعقود حتى تتحلل، نظرا لأنها تصنع عادة من ألياف خلات السليلوز، وهي نوع من البلاستيك الحيوي”.
تلك التريليونات من أعقاب السجائر التي تُستهلك كل عام تُترك لتتراكم في الحدائق والمدن والمحيطات، بينت الدراسات أنها لا تتسبب فقط في إيجاد مناظر قبيحة فحسب، بل إنها تؤثر سلبا في النباتات ووجودها في التربة يسهم في تقليل نجاح الإنبات بنسبة 27 % وطول برعم البرسيم 28 %، وفي العشب يقل نجاح الإنبات بنسبة 10 % وطول البرعم 13 %.
فيما أوصت تلك الدراسات بضرورة أن يكون هناك زيادة التوعية بأن الفلاتر لا تختفي وأنها بدلا من ذلك يمكن أن تسبب ضررا للبيئة، وعلينا أن نغير من فكرة أن رمي الأعقاب في الشوارع والطرق والأتربة هو عرف مقبول اجتماعيا؛ حيث تفيد أحدث التقديرات بأن 6 مليارات سيجارة تصنع كل عام، وبأن 90 % منها تحتوي أعقابها على البلاستيك.