عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2019

أزاوج یتعمدون ”خدش“ کرامة النساء بألفاظ مسیئة

 

مجد جابر
عمان –الغد-  شعرت ھبة أحمد بسعادة كبیرة وھي تراقب زوجین كبارا بالعمر، وھما یتناولان القھوة بجانبھا في أحد المحال، ویتبادلان الأحادیث بانسجام، لكنھا تفاجأت بعد لحظات من وتیرة الصوت المرتفع والنقاش المحتد، لینھي الزوج الجدل بكل وتضیف ھبة أن ردة فعل الزوجة كانت الصمت والالتفات لمن حولھا بخجل، لترى اذا كان أحد قد سمع اھانتھا، وجلست في مكانھا ساكنة وكأنھا ”تلمیذة معاقبة“ استغربت ھبة من ھذا الزوج الذي أعطى الحق لنفسھ بإھانة زوجتھ التي عاشت معھ كل ھذا العمر ولا تستحق منھ سوى كل الاحترام والتقدیر والمعاملة الحسنة.
ولم تستطع سرى عبدالله أن تغیر أسوأ صفة بزوجھا رغم أنھ انسان جید ومحب لأسرتھ، لكنھ حینما یفقد أعصابھ یبدأ بسیل من الألفاظ المؤذیة سواء أمام الأولاد أو عائلتھ، وھو الأمر الذي یعرضھا للحرج بشكل كبیر.
أقل كلمة یلجأ إلیھا زوجھا حینما یغضب ”اخرسي“ أو ”سدي بوزك“، ما یحرجھا بشكل كبیر. وفي إحدى المرات لم تتحمل اھاناتھ وذھبت لمنزل أسرتھا، غیر أن كل من حولھا نصحھا بتحملھ، فھذه الخصلة لیست بالأمر العظیم الذي یستحق أن تُحدث مشكلة من أجلھ.
تقول سرى أن مكانة زوجھا لدیھا بدأت بالانھیار، وأصبحت تفقد یوما بعد یوم حبھا واحترامھا لھ.
ھي، لم تكن تحب على الاطلاق أن تصل الى ھذه المرحلة، غیر أن اسلوبھ ھو الذي اوصلھا الى ھنا، كما تقول.
الطبیبة فاطمة لا تختلف تجربتھا مع زوجھا عن غیرھا من ذات النماذج، ورغم أنھ یعمل مھندسا وحاصل على شھادة الماجستیر، إلا أنھ یتعمد مناداتھا أمام أبنائھا بألفاظ مسیئة تقلل من شأنھا، وھو الأمر الذي ترك في نفسھا أذى نفسیا كبیرا لم تستطع تجاوزه على الاطلاق.
وتقول فاطمة بأنھ لا یراعي أبدا حدود الأدب معھا، ولا تعرف سبب تعمده لمناداتھا بھذه الطریقة امام ابنائھا سواء على الھاتف او في المنزل، مبینةً أنھا لا تستطیع أن تغفر لھ ھذه التصرفات، لكنھا بذات الوقت لا ترید أن تترك أبناءھا وتھدم البیت.
تلك بعض من حالات لتصرفات أزواج یعمدون التقلیل من احترام المرأة واھانتھا المتعمدة أمام الجمیع دون أي مراعاة لھا أو للدور الذي تقدمھ.
ویرجع اختصاصیون ذلك الأمر بمبدأ ”السلطة“ الذي یحب الأزواج أن یمارسوه على زوجاتھن وكأنھ شيء من حقوقھم، لافتین إلى أن ھذه التصرفات ھي إھانة مباشرة للزوجة ولھا آثار نفسیة كبیرة في نفسھا أكثر من أي نوع عنف آخر، والنتیجة تضاعف الخلافات وازدیاد المشاكل وفقدان الاحترام.
الباحث والمستشار في قضایا المرأة المحامي عاكف المعایطة، یبین أن الاستشارات التي یتابعھا وقضایا الشقاق والنزاع والحالات التي تمر علیھ، كشفت أن أغلب الأزواج الذین یقومون بإھانة المرأة بھذه الطریقة، یعتبرون أنھا حق من حقوقھم ولھم سلطة علیھا.
وللأسف، ھناك مجموعة كبیرة یبررون ھذه التصرفات ولا یعتبرونھا اساءة، مبیناً أن ھذه القضایا لیست مقتصرة على فئة معینة بالمجتمع، على العكس ھناك اشخاص على درجة عالیة من العلم والثقافة، وزوجاتھم ذات الشيء ویقومون بھذه التصرفات.
ویشیر المعایطة إلى أن الكثیر من الزوجات یخترن السكوت بسبب الأولاد والمحافظة على الأسرة، الا ان ھذا االسكوت عواقبھ كبیرة لأن فیھ تماد أكبر، وھذا النوع من التعنیف یترك اثره النفسي على الزوجة أكثر من أي عنف آخر.
وتؤكد اختصاصیة الارشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجیة د.سلمى البیروتي، أن ھذا الاسلوب ینتشر بكثرة بین الأزواج، مبینةً أنھ ”عنف“ یمارسھ الأزواج ویتسبب بالكثیر من المشاكل في الحیاة الأسریة.
وتشیر الى أن المشكلة تكمن بالأزواج الذین لا یشعرون بأنفسھم عندما یبدؤون بالإھانة والانتقاد أو السخریة او التھكم، أو أي من تلك الأسالیب التي لھا وقع سلبي كبیر على الطرف الآخر الذي یشعر بتدني قیمتھ وأھمیتھ واحترامھ.
وتعتبر أن الأصل أن یكون الأسلوب بین الزوجین عبارة عن قناة تواصل ومشاعر ایجابیة فیھا تقدیر واحترام، ولیس ایصال مشاعر سلبیة تعتمد على احتقار للطرف الثاني.
وتشیر البیروتي إلى أن فن الاصغاء والحوار مفقود لدى الكثیر من الأزواج، ولا بد من اعادة التوعیة بذلك، مبینةً أن ھذا الاسلوب یوقع الشریكین بدائرة تسمى ”الدائرة الخبیثة“، فالزوجة تسمع الإھانة وتبقى صامتة وتراكم الأمور بداخلھا، وبعد ان یعود ھو للتحدث بشكل طبیعي تكون ھي متحاملة علیھ، ومع الوقت تبدأ المشاكل بالظھور بینھما.
وفي ذلك یذھب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسین الخزاعي الى أن ذلك یسمى ”عنف لفظي“ والذي یعتبر من أشد وأسوأ أنواع العنف الذي یمارس من قبل الرجل اتجاه زوجتھ، مبیناً أن الكلمة تترك آثارا كبیرة على الشخص قد لا تمحوھا الأیام.
ویعتبر أن إھانة الزوجة بألفاظ مسیئة، یسبب أذى نفسیا كبیرا من الصعب نسیانھ أو تجاھلھ، خصوصاً عندما یصدر ذلك من الشخص الذي من المفترض أن یحترمھا ویقدرھا.
ویشیر الخزاعي أن السبب الرئیسي لاتباع العنف اللفظي المصحوب بالألفاظ البذیئة والجارحة التي تمارس من اجل التعنیف، ھو الانتقاص من قیمة الطرف الثاني وبث الرعب في نفسھ، وذلك مرده التنشئة الاجتماعیة التي تعرض لھا الزوج في طفولتھ وطریقة تعامل والده مع والدتھ.
كذلك، ھناك من یعتبرھا نوعا من أنواع الرجولة، ومنھم من یرى أنھا ھروب من الواقع ومن أخطائھ فیرد بھذه الطریقة، وآخرون یسمعون من أقرانھم اتباعھم ھذا السلوك مع زوجاتھم فیقومون بالتقلید.
ویعتبر الخزاعي أن سكوت الزوجة وعدم ابلاغ اھلھا بسبب الخوف على مستقبل الأسرة والابناء،
ھو السبب في تمادي الزوج في ھذا التصرف.