عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Feb-2019

مطلوب قائد - بیلتمان دانییل
ھآرتس
الغد- بضعة أسطر في التحلیل السیاسي لیوسي فیرتر (”ھآرتس“، 1/25 (كان یجب أن تثیر ھذا
الأسبوع عاصفة في رؤیة الذین یتفاخرون في وضع بدیل للحكم في إسرائیل. ھكذا كتب فیرتر عن اللحظة التي یفھم فیھا نتنیاھو أنھ لا احتمال لمنع ازاحتھ عن رئاسة الحكومة وتقدیمھ للمحاكمة بسبب مخالفات ادانتھ بھا سترسلھ إلى السجن: ”عندھا ستأتي المرحلة التي یعلن فیھا
نتنیاھو لقاعدتھ: لا یوجد إلھ، في ھذا الیوم الدیمقراطیة الإسرائیلیة ستقف أمام خطر حقیقي...
عندما تحین اللحظة سیكون ھناك من یعطي الاشارة للجمھور المحرض، الذي یكون عقلھ مشبع
برسائل الكراھیة والانتقام بأن ینھض وینقض“. ھذا الشعار مكتوب على لافتات كبیرة على صور صحافیین یعتبرون ”حائكي مؤامرات“ وعلى صفحة نتنیاھو في الفیس بوك، الذي یعتبر بشكل دائم جھاز القضاء والیسار خونة.
لو كان الیوم یوجد لمن ھم على یسار اللیكود زعیم لھ قیمة، لكان سیقف أمام المعسكر الكبیر للخائفین من انھیار الدیمقراطیة الإسرائیلیة ویقول لھم أقوالا واضحة: نحن في الدقیقة الـ 89 أمام الصدع المخیف الذي یقود الیھ نتنیاھو إسرائیل. اذا لم ننتظم في الوقت المناسب، فإن ما كان لن یكون ثانیة. وإذا كانت الطریق إلى ھناك تحتاج إلى ادراك معناه كسر كل الأدوات القدیمة والانتظام في نضال یختلف عن كل ما عرفناه في السابق، یجب الانتظام من اجل ذلك قبل أن یصبح الوقت متأخرا.
ولكن في ھذه المناسبة، لدینا مجموعة بائسة ومشوشة تشمل صحفیین یعظمون الأنا ویبحثون عن منبر سیاسي یقودھم إلى كرسي الوزارة. أو جنرال یتفاخر بأنھ اعاد مدینة محاصرة إلى العصر الحجري، محطمة، جائعة ونازفة، مثلما كان الجنرال یورغن شتروك الذي اعد ألبوما فاخرا لتخلید انتصاره على غیتو وارسو.
ابرھام لنكولن، من الشخصیات المثالیة في التاریخ الحدیث، قاد شعبھ إلى حرب اھلیة دمویة، وما زال یعتبر الرئیس الذي أوقع بالدولة الشابة نسبیا في الستینیات من القرن التاسع عشر، الازمة الكبرى في تاریخھا، وعرض وجودھا للخطر، یعتبر الآن أحد زعمائھا، شخصیة مثالیة یتعلم منھا اجیال من الأمیركیین.
لیس ھذا فقط لأنھ أزال وصمة العبودیة التي ستنتھي أصلا مع مرور الوقت. لنكولن تحول إلى رمز مھم لأنھ تمتع بقدرة غیر موجودة لدى أي زعیم سیاسي في إسرائیل، یفھم الخطر الكبیر الذي یقف أمام الدیمقراطیة المصابة، لكنھ لا یتجرأ على قول ھذه الاقوال أمام المعسكر الكبیر الذي كان مستعدا للخروج والدفاع عنھا – قول الحقیقة لابناء شعبھ.
خطاب القسم للرئیس الأمیركي للولایة الثانیة في 4 آذار 1865 یستحق یتم تعلمھ من قبل من یتفاخرون بطرح بدیل لمجموعة الظلام التي تحطم الدیمقراطیة الإسرائیلیة إلى شظایا. لنكولن قال إن رغبة من یؤیدون العبودیة في الحفاظ على ھذه المؤسسة قادتھم إلى درجة الاستعداد لتفكیك التحالف بین الولایات في أمیركا حتى لو كان الأمر متعلقا بحرب قاسیة.
من یعارضون ھذه المؤسسة في حالتنا، النظام، ارادوا منع تحطیم الولایات المتحدة، لكن في الاساس یسأل لنكولن ما ھي صلاحیة الارادة في فرض معاییر اخلاقیة على اجزاء من المجتمع یرفضون ھذه المعاییر والخروج إلى الحرب باسمھا؟ وبمعنى ضمني للواقع لدینا: ما ھي صلاحیة حماة الدیمقراطیة اللیبرالیة الإسرائیلیة في أن یقوموا بالنضال، أیضا بالنضال العنیف، ضد من یریدون تأسیس معاییر اخرى، لتحطیم وتغییر الواقع الذي نشأ في السبعین سنة من حیاة الدولة.
لنكولن، المسیحي المحافظ، قال لمؤیدي العبودیة: ”یبدو أن الأمر غریب، أن یتجرأ بني البشر على الطلب من إلھ العدل مساعدتھم على الحصول على قوتھم من عرق بني بشر آخرین“، واضاف استنادا إلى العھد الجدید: ”لا تحكموا حتى لا یحكم علیكم“.
أي، نحن لا یمكننا معرفة نیة الله وصلوات أي شخص لا تستجاب كاملة. ولكن ھنا لنكولن یقوم باتخاذ قراراتھ الحاسمة كزعیم لھ قیمة تاریخیة: ”اذا كان الله یرید أن تستمر الحرب الاھلیة حتى تدمیر كل الثروة التي تراكمت في الـ 250 سنة من العمل بدون مقابل للعبید، وحتى كل قطرة دماء سفكت بالسوط یتم استبدالھا بقطرة دماء تسفك بالسیف“، كما قیل قبل ثلاثة آلاف سنة، ما یزال یمكن القول ”أقوال الله صدقت كلھا، أي لأننا لا نعرف ما ھي ارادة الله، ولأنھ فرضت علینا ھذه الحرب الفظیعة، فانھ مفروض علینا الاستمرار فیھا حتى انتھاء العبودیة“.
لنكولن یتبنى الاستنتاج التفسیري لھذه الآیة التي تقول إن قرارات البشر خلافا لحكم الله، حتى لو
تمت حسب العدل والاستقامة، لا تستطیع أن تكون طاھرة تماما من التشویھ والظلم لأن الانسان
لا یستطیع أن یوازن بصورة دقیقة مثل الله في القرارات الحاسمة بین الخطأ والعقاب. مع كل ذلك، مفروض على الانسان أن یحسم طبقا لفھمھ للامر الالھي، وھكذا فعل.
من الازمة الكبیرة في مسألة العبودیة في الولایات المتحدة، نقش في الذاكرة بشكل خاص حادثة جون براون، المعارض الكبیر للعبودیة، في 16 تشرین الأول 1859 انقض على 22 شخصا من رجالھ منھم ستة من اولاده على مخزن سلاح في فرجینیا بھدف تسلیح مؤیدیھ وان یقیم في الجبال معسكر لجوء للعبید.
القي القبض علیھ وحكم واعدم في كانون الأول 1959 ،براون تحول في التراث الأمیركي إلى شخصیة نموذجیة للشخص الذي یتخذ خطوة تمرد مدنیة لصالح تحقیق ھدف سام. عدة جمل من خطابھ الأخیر في المحكمة تستحق أن تنقش في عقل كل من یبحث عن الطریق المناسبة للوقوف أمام الظلام الھابط على حیاتنا الیوم: ”لولا تدخلي بھذه الصورة (في تمرد مدني) من اجل الغني، العدواني، الكبیر، وقدمت كما عانیت، لم یكن احد لیفتح فمھ.
وكل واحد في ھذه المحكمة كان یرى افعالي ھذه أمرا یستحق جائزة ولیس عقابا، لكن عندما تدخلت لصالح المھانین لم افعل سوى العدل. الآن عندما أنتم ترون حاجة للحكم علي بأن ازھق حیاتي لصالح تحقیق اھداف العدل، بأن اخلط دمي بدماء اولادي ودماء ملایین العبید الذین حقوقھم تسحب من قبل قوانین ظالمة ووحشیة فإنني اقبل ذلك، ولیكن ذلك“.
لو قام من بیننا زعیم یعرف كیف یقول اقوال بھذه الروحیة سیكون ھو اكثر شخص مناسب لترؤس المعسكر الجون براوني الذي سیخرج إلى النضال من اجل وجود الدیمقراطیة الإسرائیلیة.