عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Sep-2019

«أبواب 48» ...معرض تشكيلي جديد للفنان محمد الجالوس الأربعاء المقبل

 

عمان - الدستور- خالد سامح - يفتتح عند السادسة من مساء الأربعاء المقبل في جاليري بنك القاهرة-عمان معرض تشكيلي جديد للفنان محمد الجالوس، حيث يقدم فيه مجموعة من أعماله الجديدة التي يستوحي فيها بعضا مما تختزنه ذاكرته الطفولية والأماكن الأولى التي عاش فيها، وشهدت تفتح وعيه الجمالي والفني والانساني.
الفنان المتعلق بالأمكنة والذي شهدت مسيرته الفنية انجاز أعمال لافتة توثق جماليا لمدن وأماكن عديدة كنابلس وعمّان والقدس المحتلة وغيرها، يحاول هذه المرة التعبير عن فكرة الباب، ومحمولاتها الدلالية والرمزية، فهو يقول:
رغم سنوات عمرها التي تجاوزت المائة بقليل، ظلت جدتي لآمي تتذكر تفاصيل تلك الليلة، ليلة الخروج العظيم من ( النعاني )، حاملة معها بعض المتاع الخفيف، برفقة جدي علي وعائلة المكونه من سبعة اطفال.
كان الليل قد تسلل الى سماء القرية، وصمت من نوع غريب خيم على البيوت والازقة، صاحبه اخبار هنا وهناك، تناقلها الناس عن عصابات صهيونية، شرعت بقتل كل من صادفها في الاطراف مروراً بوسط القرى المجاورة، اخبار سرت كالنار في الهشيم، موت يتوزع بالتساوي، بين قرى مسالمة وابواب ونوافذ تركت هنا وهناك، مشرعة على امل العودة القريبة، يوماً او بعض يوم، هكذا تخيل اهل القرى، وهذا ما يفسر انهم لم يحملوا معهم الا القليل من محتويات بيوتهم.
لم يخطر ببال جدتي انها ستقفل باب بيتها الخشبي للمرة الاخيرة، وقد حرصت على اخفاء المفتاح جيداً في جيب ثوبها المطرز، قريباً من القلب وفي وسط الصدر تماماً.
كانت البيوت تئن على وقع اقدام من غادروها، ولم تخمد نيران المواقد وما اعدوه لوجبة العشاء، العشاء الاخير، فقد تناقل الناس روايات لطعام ظل هناك ليستوي على مهل وعبر كل هذه السنوات من الشتات العظيم، هنا انقطع الناس بفعل آلة الموت عن ماضيهم ومعاشهم، وكل ما امتلكوه من اراض زراعية وحيوانات، اغنامهم وجمالهم وابقارهم، ظلت هناك وحيدة، تتفرج عليهم بعيون دامعة، وهم يغادرون دون القاء التحية او الوداع.
احاول في معرضي الان، أن اعبر عن فكرة الباب المجازية، ذلك المتروك بفعل الدم والنار وحديد الموت،هناك في فلسطين، ابواب غادرها اهلها في عام 1948 دون وداع، لاعتقادهم انهم سيعودون خلال ايام على اكثر تقدير، ابواب حملت افراحهم واحزانهم وكانت شاهداً على لياليهم الملاح، واعراسهم ووقع اقدام زوارهم في الاعياد والمناسبات.
ابواب خشبية، بسيطة، صاغوها بايديهم وزينوها بـ (الشيد الأبيض والوان الحقول) و حرصوا ان تظل زاهية، مبتسمة في وجه زوارها، انها ابواب الذكرى، وهو ما أل اليه حالها اليوم، فقد دمر منها الكثير، وبقيت تحرسها في الجانبين، حقول الصبر، تلك الشاهد على اثرها، ابواب ابي وجدي، ابواب 48.
اقدم اليوم هذه التجربة بعد ثلاثة اعوام من العمل عليها، وشجن الذكرى يلفني ويملأ قلبي ووجداني برائحة البلاد، وابواب ما زالت تنتظر أهلها هناك، على شاطئ البحر.
تجدر الاشارة الى أن المعرض سيستمر لمدة شهر.