عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Apr-2020

آثار نفسية وجسدية سلبية جراء تكرار متابعة الأخبار حول “كورونا”

 

تغريد السعايدة
 
عمان– الغد-  أخبار متتالية وتحديثات وأرقام لأعداد مصابي “كورونا” وتعليمات وإجراءات صارمة، جميعها معلومات تمر على مسامع العائلات الأردنية التي تترقب وتتابع شاشات التلفاز، بهدف الحصول على المعلومة الصحيحة، ولا شك أن لتلك الأخبار وقعا كبيرا على الفرد من خلال تأثيراتها النفسية التي يجب أن تؤخذ بالحسبان.
والدة سعاد إحدى الأمهات التي تتابع الأخبار أولا بأول من مختلف وسائل الإعلام، وعليه تتعمد ابنتها بين الحين والآخر تقليب المحطات الفضائية بحثاً عن برامج أخرى للمتابعة، لعلها تخرج والدتها من حالة التوتر التي أصابتها منذ الساعات الأولى لإعلان الأزمة.
تسعى الابنة سعاد إلى التخفيف من حدة توتر وقلق والدتها بالتحدث عن أمور حياتية أخرى بعيدا عن “كورونا”، على حد تعبيرها، خصوصا أن الأم السبعينية تعاني من أمراض متعددة، إلى جانب الضغط النفسي الذي يظهر على ملامحها طوال الوقت.
هذا الوضع العام في ترقب الأخبار أولاً بأول هو حال جميع العائلات، بعد أن أصبحت المحطات الأردنية الرسمية مصدر الخبر الصحيح، لنقل المعلومات من المسؤولين والجهات المختصة في النشر، والتعليمات الصادرة بعد أن تم تفعيل قانون الدفاع الذي يتضمن الكثير من التعليمات التي تستوجب على المواطنين مراعاتها.
دراسة بريطانية قام بها علماء في جامعة سايكس بيكو قبل سنوات، تطرقت للحديث عن الآثار السلبية الناجمة عن تصفح الأخبار والإدمان على متابعتها، والتي توصل من خلالها العلماء إلى أن هناك آثارا جسدية وأخرى نفسية تتمثل بالاضطراب المزاجي والكوابيس والأرق ومشاكل الجهاز الهضمي والصداع والقلق المزمن وضيق الصدر، قد تؤدي بالمرء لرغبته في العزلة وتقليص علاقاته الاجتماعية وتفاعلاته مع الآخرين، عدا عن السلوك العدواني، والكثير من السلبية في حياة الإنسان، التي تتطلب علاجاً سلوكياً نفسياً في بعض الأحيان.
وتتمثل بخطوات متعددة للخروج من الحالة المرضية التي قد يصل لها الإنسان، لذا، حرصت الأم أريج نصر كذلك على أن تختصر الكثير من وقتها في متابعة الأخبار بسبب تواجد أطفالها حولها، والذين يلاحظون على ملامحها القلق والخوف جراء معرفة أعداد المصابين، أو القرارات المتتالية عبر الأخبار، ما يدفعهم للتوجه بسيل من الأسئلة حول هذه الأزمة ومتى ستنتهي.
أدركت الأم أن قلقها انتقل لأبنائها، وعليه سعت لتحفيز صغارها على متابعة قنوات الأطفال، لتكتفي هي بمتابعة المستجدات من خلال النشرات الإخبارية السريعة، أو عبر تصفح مواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل الأخبار أولاً بأول.
هذه الحالات تتكرر بين العائلات، التي باتت الآن حبيسة بيوتها انصياعاً للقرارات الضرورية، التي تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية المواطنين من انشار العدوى فيما بينهم، ما دفعها إلى متابعة الأخبار، إلا أن هذه المبالغة في المتابعة جعلت هناك ضرورة ملحة إلى أن يتم مراعاة بعض الأمور التي تتطلب حماية أنفسنا والآخرين من تبعات الخوف والقلق والترقب عند الجلوس لساعات طويلة في تتبع الأخبار، التي تصب جميعها في الحديث عن “كورونا”.
وهذا ما يؤكده لـ”الغد” أخصائي الطب النفسي والسلوكي الدكتور علاء الفروخ الذي يتحدث عن هذه الفترة العصيبة التي يعيشها العالم أجمع وليس فقط في الأردن، وعلى الجميع تفهم هذه الظروف التي تتطلب وعياً وإدراكاً لأهمية أن يكون الفرد جزءاً فعالاً في مجتمعه ومساهماً في الخروج من هذه المحنة، ولكن على أن يكون متزناً في سلوكياته.
وتتمثل هنا بالمحافظة على المزاج العام، وفق الدكتور الفروخ، إلى جانب الحرص على عدم المبالغة في متابعة الأخبار بطريقة تتحول إلى إدمان أو تكرار قد تكون لها آثار سلبية كبيرة توثر على الحالة النفسية للإنسان، وتبقى آثارها حتى بعد حين.
ويوضح الفروخ أن فكرة متابعة الأخبار لحظة بلحظة من شأنها أن تزيد منسوب القلق والخوف، لأن الإنسان يبقى دائماً في أجواء المتابعة للأخبار، في ظل وجود وباء عالمي، وهذا يؤدي إلى حدوث حالة من الخوف الموجودة عند كل الأشخاص في هذا الوقت، وتضعه دائماً في حالة تأهب واستعداد لحدوث شيء جديد في هذا الإطار.
هذا الحال “النفسي السلوكي”، بحسب الفروخ، يرتبط بشكل كبير بهرموني التوتر والخوف، وهما “الأدرينالين والكورتيزون”، اللذان يتغيران حسب حالة الإنسان ويجعلانه متوترا، وقد يصل به الحال إلى حدوث هبوط في المناعة التي تعد الأهم في مواجهة الأمراض في الوقت الراهن.
لذا يشدد الفروخ على أهمية أن يكون هناك خيارات أخرى للفرد في هذه الفترة التي يجلس بها في البيت بسبب التوقف عن العمل وعدم الخروج من البيت.
ومن تلك الخيارات التي يرى الفروخ أنها كفيلة بتخفيف التوتر، أن يبتعد عن الأخبار والمواضيع الإخبارية السلبية في بعضها، والأفضل متابعتها مرة أو مرتين في اليوم من أجل الاطمئنان على الوضع العام، والتعرف على أبرز التعليمات والتحديثات والنصائح التي تقدمها الجهات الصحية في هذه الفترة.
ويضيف “ولا يوجد داعٍ لتتبع الأعداد للحالات المرضية، طيلة الوقت، والاستعاضة عن ذلك بالأنشطة الأخرى، مثل قراءة الكتب أو ممارسة الرياضة والقيام بالهوايات المختلفة التي يقضي بها الفرد وقته من دون توتر أو خوف، ودائماً يجب الأخذ بالأسباب في الأمور الصحية والمحافظة على التعليمات في الوقت ذاته”.