عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jul-2019

اللاجئون في ترکیا.. مشکلة بلا نهایة - ذو الفقار دوغان
* – (أحوال تركیة) 
 
الغد- في مواجھة معارضة متجددة، ثمة مؤشرات على أن الرئیس التركي رجب طیب أردوغان یفكر في تجنیس اللاجئین من أجل زیادة تأیید حزب العدالة والتنمیة قبل الانتخابات البرلمانیة والرئاسیة
المقرر إجراؤھا في العام 2023 .ولأن الجنسیة تعني تجنید الرجال السوریین في القوات المسلحة،
فإن ھناك مخاوف بشأن كیفیة نشر قوات سوریة في وطنھا، حیث تسیطر القوات التركیة على
بعض الأراضي.
قبل ثمانیة أعوام، قال أردوغان إن حكومة الرئیس السوري بشار الأسد ستنھار في غضون ثلاثة
أشھر، وإنھ سیصلي قریباً في الجامع الأموي بدمشق. وبدأت الحكومة التركیة في بناء مخیمات
لاستیعاب اللاجئین السوریین، حتى قبل بدء الحرب.
وبعد ثلاث سنوات من الحرب، كانت تركیا تستضیف 5.1 ملیون لاجئ سوري و5.2 ملیون لاجئ
بعد ذلك بعام. وتشیر أحدث أرقام وزارة الداخلیة إلى أن عدد السوریین الذین یعیشون حالیاً في
تركیا یبلغ 6.3 ملایین نسمة. لكن ھذه الأرقام لا تشمل سوى السوریین الذین حصلوا على بطاقات
ھویة مؤقتة. وتقدر ھیئة إدارة الكوارث والطوارئ أن حوالي 400 ألف سوري یعیشون في تركیا
بطریقة غیر شرعیة، لیصل العدد الإجمالي إلى أربعة ملایین.
سرعان ما تبین أن المخیمات التي بنیت على أمل أن یتم إسقاط الأسد بسرعة غیر كافیة. ویعیش
الآن ما بین اثنین إلى ثلاثة في المائة من اللاجئین السوریین في تركیا (109 آلاف) في تلك
المخیمات، في حین ینتشر الباقون في جمیع أرجاء البلاد. ویعیش في إسطنبول حوالي نصف
ملیون، وتلیھا المقاطعات الممتدة على طول الحدود السوریة: غازي عنتاب (437 ألفاً) وھاتاي
(427 ألفاً) وشانلي أورفا (435 ألفاً) ومرسین (201 ألف). وتستضیف محافظة أزمیر المطلة
على بحر إیجة، وھي منصة انطلاق إلى أوروبا، 143 ألف سوري. وھكذا، یشكل السوریون الآن
41.4 في المائة من سكان تركیا.
تتراوح أعمار نحو 149.520 من السوریین في تركیا بین أربع سنوات أو أقل، في حین أن عدد
الذین تتراوح أعمارھم بین الخامسة والتاسعة یصل إلى 646.494 . ُ وقد ولد حوالي نصف ملیون
سوري في تركیا منذ بدء الحرب، وتبلغ أعمار ما یربو على ملیون سوري في تركیا تسع سنوات
أو أقل. وتتراوح أعمار أكثر من 800 ألف سوري في تركیا ما بین 15 و24 سنة.
ومع ذلك، ھناك أقل قلیلاً من 650 ألفاً من بین 1.1 ملیون طفل سوري في سن الدراسة في
المدارس، وفقاً لوزارة التعلیم التركیة. وما یزال الباقون خارج نظام التعلیم، وھو ما قد یتسبب في
مشاكل اجتماعیة في المستقبل.
لا یتمتع السوریون في تركیا بوضع اللاجئین الرسمي؛ إذ إنھم تحت الحمایة المؤقتة. وفي الوقت
نفسھ، تشكل تركیا بلد عبور للاجئین القادمین من أماكن أخرى في الشرق الأوسط وأفریقیا وآسیا.
وتقول وزارة الداخلیة إن ھناك ملیون لاجئ إضافي من 37 دولة في البلاد، وبذلك یصل إجمالي عدد اللاجئین إلى حوالي خمسة ملایین.
كما زاد عدد الأشخاص المحتجزین الذین یحاولون دخول تركیا بصورة غیر قانونیة بشكل كبیر من
415.44 في العام 2011 ،إلى 268 ألفاً في العام 2018 .وقد تم اعتقال حوالي 836.129 في الأشھر الخمسة الأولى من ھذا العام. وینتظر الآلاف الترحیل في مراكز الترحیل في 24 مقاطعة، إلى جانب سبعة مراكز إضافیة یمولھا الاتحاد الأوروبي.
لكن السوریین یمثلون العمود الفقري لمشكلة اللاجئین في تركیا. ففي الفترة بین العامین 2016
و2017 ،ارتفع عدد الجرائم التي تم ارتكابھا في تركیا بنسبة 4.6 في المائة، في حین زاد عدد الجرائم التي تورط فیھا سوریون بنسبة 6.19 في المائة خلال الفترة نفسھا. وزاد عدد الجرائم التي
تشمل سوریین ستة أضعاف في خمس سنوات.
في المدن التركیة، یقول بعض الناس إن السوریین أقاموا مناطق خاصة بھم ویقولون إن عدد
المشاجرات ارتفع بشكل كبیر. ویخشى كثیرون في تركیا أن تصبح مشكلة اللاجئین مشكلة تتعلق
بالأمن والنظام العام.
في ظل تعمق مشاكل تركیا الاقتصادیة، یواجھ اللاجئون مستویات متزایدة من التعصب. وحتى أیار
(مایو) 2019 ،تم منح تصاریح عمل لحوالي 185.31 سوري؛ أي 3.1 في المائة من إجمالي السكان السوریین في تركیا. ویعمل معظم السوریین من دون تسجیل مقابل الحصول على أجور منخفضة ویقبلون بظروف عمل سیئة، مما یؤدي إلى حالة من الاستیاء وسط الأتراك العاطلین عن العمل.
وقال وزیر الداخلیة سلیمان صویلو في آذار (مارس) الماضي إن 894.79 سوریاً حصلوا على الجنسیة. وعلى الرغم من أن ھذا العدد قد یكون صغیراً، إلا أن السوریین البالغ عددھم 53 ألفاً والذین كان یحق لھم التصویت في الانتخابات المحلیة التي أجریت في الحادي والثلاثین من آذار
(مارس) كان مرتفعاً بدرجة كافیة في بعض المقاطعات للتأثیر على النتیجة.
یعتقد معظم المراقبین أن من المرجح أن یصوت السوریون لصالح حزب العدالة والتنمیة الذي یتزعمھ أردوغان أكثر من التصویت للمعارضة العلمانیة، لذلك قد تجذب الحكومة الناخبین من خلال منح الجنسیة لمزید منھم. وفي بعض المقاطعات، وصل عدد السوریین إلى 15 إلى 20 في المائة من السكان. وفي بلدة كیلیس في جنوب شرق البلاد، تبلغ النسبة 80 في المائة.
بصرف النظر عن أولئك الذین یستطیعون إثبات أنھم قد تم تجنیدھم في وطنھم من قبل، فإن الرجال
الذین حصلوا على الجنسیة سیكون علیھم أیضاً أداء خدمتھم العسكریة في تركیا، وفقاً لقانون
التجنید الجدید الذي تم إقراره الأسبوع الماضي.
وبالإضافة إلى أقل من 10 في المائة من السوریین الذین عادوا إلى دیارھم بعد أن استولت تركیا
على أجزاء من شمال سوریة في عملیات عسكریة، قال أردوغان الأسبوع الماضي إنھ سیتم إعادة
حوالي ملیون شخص آخرین بعد أن أقامت تركیا منطقة آمنة في شمال غرب سوریة. لكن من غیر
المحتمل أن یعود جمیع السوریین إلى بلادھم حتى لو أقامت تركیا منطقة آمنة في سوریة، وحتى
إذا انتھت الحرب الأھلیة.
وفقاً لما ذكره أردوغان، أنفقت تركیا حوالي 35 ملیار دولار على اللاجئین حتى كانون الثاني (ینایر) 2019 .وقال زعیم المعارضة الرئیسیة، كمال كلیجدار أوغلو، إن ھذه الأرقام لیست شفافة ولا دقیقة، لأن ھذا یعني أن تركیا تنفق 500.2 دولار على كل سوري سنویاً و500.12 دولار على كل أسرة سوریة مكونة من خمسة أفراد.
وشكك كلیجدار أوغلو في روایة أردوغان بشأن الأموال، وقال إن الحكومة ارتكبت أخطاء في
سیاستھا تجاه سوریة، وأنھ كان في الإمكان إنفاق الأموال بدلاً من ذلك على ملایین الأتراك الذین
یعیشون في فقر وعلى زیادة فرص العمل والاستثمار.
وتشكو المنظمات الدولیة أیضاًمن الافتقار إلى الشفافیة. ففي العام 2016 ،أوقفت الوكالة الأمیركیة
للتنمیة الدولیة، وھي الوكالة الرئیسیة للحكومة الأمیركیة لتقدیم المساعدة الإنسانیة، مساعدتھا
للسوریین في تركیا بسبب مزاعم بالفساد.
وقالت ھیئة مراجعة الحسابات التابعة للاتحاد الأوروبي في العام 2018 إنھا لا تستطیع تحدید
كیفیة إنفاق 1.1 ملیار یورو من المساعدات المالیة المقدمة لتركیا للسوریین، مضیفة أن المناقصات
العامة لم تكن تجرى بشفافیة. ونتیجة لذلك، قرر التكتل توزیع المساعدات المالیة مباشرة على
أساس المشروع، ولیس من خلال مؤسسات الدولة التركیة.
على الرغم من أن تركیا واجھت مشاكل اجتماعیة وعبئاً اقتصادیاً بسبب اللاجئین، إلا أن السوریین
یسھمون أیضاً في الاقتصاد التركي. ووفقاً لوزارة التجارة، تم إنشاء أكثر من 15 ألف شركة جدیدة
في تركیا والتي توظف ما یقرب من 100 ألف شخص، إما أسسھا سوریون أو شاركوا في تأسیسھا. وفي الوقت نفسھ، یدیر السوریون أیضاً العدید من الشركات الصغیرة غیر المسجلة، مما یثیر غضب الأتراك الذین یشكون من أن السوریین لا یدفعون أي ضرائب، الأمر الذي یترتب علیھ وجود منافسة غیر عادلة.
وتقول أحزاب المعارضة إن تركیا تدفع ثمن الحرب بسبب سیاسة أردوغان القاصرة وقصیرة النظر، والتي أثرت على سیاسة بلاده والجیش والدبلوماسیة والاقتصاد والأمن وأثارت مشكلة إنسانیة خطیرة. وبعد ثماني سنوات، یبدو أن تركیا ستواصل دفع ثمن باھظ في المستقبل.
*أكادیمي وكاتب تركي.