عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2022

أطفال الحارة.. ملائكة العذاب!*مازن العمري

 الراي 

خرج سعيد ذو الثمانية اعوام من منزله مهرولاً إلى الشارع ليلتحق بمباراة كرة القدم الحاسمة بين اطفال العمارة التي يسكن فيها وابناء العمارة من الشارع المقابل، ارتدى سعيد قميصاً رياضياً مكتوب عليه «ميسي» ورقم 10 من الخلف، وقام بوضع أحجار كبيرة في وسط الشارع ليدل على موقع المرمى وقام احد رفاقه بالوقوف للحراسة.
 
في الجهة المقابلة استعد شادي ذو التسعة أعوام وقد لبس قميصاً مكتوب عليه «رونالدو» ورقم 7 من الخلف وأعان رفاقه على وضع احجار كبيرة للدلالة على مرماهم واختاروا أحد الصبية ليقوم بالحراسة.
 
ابتدأت المباراة واستبسل الفريقان لاحراز اكبر عدد ممكن من الأهداف في مرمى الفريق الآخر غير آبهين بالسيارات المارقة في الشارع وصراخ الجيران لخفض اصواتهم التي ايقضت كل مضجع وقطعت كل مناجاة.
 
تحصل شادي على الكرة واخذ يجري بها لاحراز هدف على الفريق الخصم فتصدى له سعيد ومد ساقة فتعرقل شادي وافترش الأرض وقد تمزق جلده جراء وقوعه ونزف دمه فاخذ يبكي ويصرخ.
 
سمع والد شادي صراخه فهرول الى الشارع وحين علم بمن عرقل ابنه رفع يده إلى السماء واهوى بها لطمة على خد سعيد، هذه الحركة كان قد تعلمها من خلال مشاهدة مسلسل «باب الحارة» وتمرس على طرق الصفع الاحترافية..
 
صرخ سعيد من شدة الالم واستنجد بأبيه سائق «التريلا» ذو الطول الفارع والعضلات المفتولة والتي تبدو متناسبة جدا مع حجم المقطورة التي يقودها، هرع والد سعيد الى الشارع فعلم أن والد شادي ذو الجسم النحيل قد لطم ابنه، فرفع والد سعيد يده الى السماء - في تقليد لمشهد قد رآه من مسلسل «وادي الذئاب» - واهوى بها لكمة على وجه والد شادي فارداه طريح الارض تحوم حول رأسه فراشات الاغماء..
 
كانت زوجة أبو شادي تشاهد الموقف من شرفتها فلما رأت زوجها طريح الأرض ولولت واستنجدت باخوانه في العمارة المجاورة والبالغ عددهم ثلاثة عشر رجلا بين شاب وكهل جميعهم متابعين لمسلسل باب الحارة، فزع اخوة ابو شادي الى الشارع والتفوا حول أبو سعيد وابرحوه ضربا بما توفر لديهم من عصي وهراوات وسلاح أبيض.
 
رأت زوجة أبو سعيد ما حل بزوجها فولولت واستنجدت باقربائه القاطنين في نهاية الشارع فهرعوا ومعهم ما توفر لديهم من سلاح ابيض واسود وعتاد خفيف وثقيل وتحولت الحارة إلى ساحة معركة تحاكي المعارك التي ذكرها شعراء العصر الجاهلي في «داحس والغبراء»!
 
الاطفال هم ايقونة البراءة وبلسم الحياة، وهم امانة في اعناق ابائهم و مجتمعاتهم ولا بد من حفظهم وبذل النصيحة لهم، وقد امتن علينا ربنا تبارك وتعالى في بلدنا الحبيب أن يسر لاطفالنا المراكز والنوادي والنشاطات الصيفية في مختلف الميادين مما لا يدع حجة لتركهم هائمون على وجوههم في الشوارع وهي مسؤولية كل رب أسرة.
 
وقد جاء في القرآن الكريم بيان لكيفية توجيه الابناء على لسان لقمان الحكيم في قوله: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ «19») «لقمان».