عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Mar-2019

حلول «الخاوة» الأمريكية - كمال زكارنة

 

الدستور - الغريب ان الادارة الامريكية ما تزال تبشّر بما تسميها خطة سلام بين الدول العربية والاحتلال الصهيوني، وانها بصدد الافصاح او الاعلان عنها قريبا، وهذا ألـ «قريبا» قد يأتي او لا يأتي، بعد كل الجرائم التي ارتكبتها والتي تنوي ارتكابها على الساحتين الفلسطينية والسورية، فلسطينيا، قرر ترامب لوحده على اعتبار انه اللاعب الوحيد في هذا العالم، ان القدس المحتلة عاصمة موحدة للكيان المحتل وما تبع ذلك القرار من اجراءات عملية، ونزع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية وقطاع غزة، تمهيدا للاعتراف بالسيادة الاسرائيلية وفرض القانون الاسرائيلي على الضفة المحتلة، والتعامل معها تماما كما يسري على المناطق المحتلة عام 1948، وذلك بعد الانتهاء من اجراء الانتخابات الاسرائيلية في التاسع من الشهر المقبل، اما بالنسبة لقطاع غزة فهناك صفقة يجري الترتيب لها، غير مضمونة النجاح بسبب الشروط القاسية التي ستفرض على الفصائل الفلسطينية هناك، مقابل فك الحصار والتبشير بوضع اقتصادي جيد للقطاع، وفتح موانيء بحرية وجوية وبرية، اذا وافقت الفصائل على نزع سلاحها الثقيل والابقاء على الاسلحة الفردية فقط، واذا رفضت فعليها ان تنتظر جحيما صيفيا لاهبا، لان الخطة الترامبية لا تسمح لاحد بالوقوف في طريقها ومعارضتها وافشالها، حتى تكون الخدمة المقدمة لصالح الاحتلال الصهيوني كاملة مكتملة دون نقصان او تأخير، والخطة المذكورة لا تشير من قريب او بعيد للضفة الغربية المحتلة او للقيادة الفلسطينية في رام الله، وهذا يعني الفصل والعزل الكاملين بين القطاع والضفة المحتلين جغرافيا وسياسيا واقتصاديا وسكانيا. سوريا، من الناحية العملية فان قرار اعتراف ترامب بالسيادة الاسرائيلية الكاملة على هضبة الجولان السورية المحتلة قد اتخذ، وهذا يعني ان الرئيس الامريكي حسم الصراع العربي الاسرائيلي من جانب واحد، بالوضع الاحتلالي الحالي، وان السلام الذي يتحدث عنه هو اجبار سوريا والجانب الفلسطيني على التوقيع على قراراته المنحازة بالكامل للاحتلال الصهيوني، وعربيا، اجبار الدول العربية الاخرى على الموافقة والتوقيع والتطبيع مع الكيان المحتل سواء كان قبل فرض الحل الذي يريده او بعده. كل ما يفعله ترامب عبارة عن استجابة كاملة لمطالب نتنياهو، ليس لاسباب انتخابية كما يشاع، رغم ان سياسة ترامب تخدم الطموح الانتخابي لنتنياهو، لكن ما يجري هو عمل استراتيجي وعميق جدا، فهو تنفذي لمشروع اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل، ولم يعد الاستعمار الاقتصادي نهاية الطموح الصهيوني في المنطقة، وما يعزز هذه الفرضية، صمت دوائر ومؤسسات صنع القرار الامريكي التي لم تعترض ولم تتصدى لسياسة ترامب في الشرق الاوسط، التي تعتبر الاكثر خطورة ومغامرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. ربما يكون شبه التحرر الامريكي من ضغوط الطاقة، النفط والغاز العربيين، ساهم في فلتان ترامب السياسي ضد الامة العربية، لكن البعد الاستراتيجي والآيدلوجي والعقائدي الذي يربط الانجيلية الصهيونية الامريكية مع الكيان المحتل، يدحض كل الفرضيات الاخرى التي تحاول تفسير ارتماء الادارة الامريكية في احضان حكومة الاحتلال، والاشهر القادمة تحمل الكثير من الاحداث الصعبة.