"عالمي بلا حدود" و"أحلم دوما".. قصتان لداود تحتفيان بالأمل والإبداع
الغد- صدرت للقاصة الدكتورة أماني سليمان داود قصتان جديدتان للأطفال، تحمل الأولى عنوان "عالمي بلا حدود"، والثانية بعنوان "أحلم دوما بالطيران"، وذلك عن الدار الأهلية في عمان. تستهدف القصتان الفئة العمرية من 6 إلى 9 سنوات، وتزينهما رسومات الفنانة أماني يوسف.
في عالم الطفولة، حيث تنبثق الأحلام وتزدهر المخيلات، تفتح داود نافذة مشرقة من خلال قصتين جديدتين للأطفال، تقدمهما بكل حب وابتكار لتروي حكايات عن الأمل والإبداع والخيال اللامحدود، مستحضرة في طياتهما رسائل إنسانية عن التصميم والمثابرة وحق كل طفل، مهما كانت ظروفه، في أن يحلم ويبدع ويعيش حياة مليئة بالفرح والاكتشاف.
تقول داود "إن القصتين تتجهان نحو تسليط الضوء على شخصيات تنتمي إلى فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بطريقة مبتكرة وممتعة، لا تقدم الشخصيات بسذاجة، بل تنصف إنسانيتها وحقها في الحلم والحياة والإبداع. وتظهر الشخصيات ظريفة ومرحة، منخرطة في مجتمعاتها، طامحة، وتمتلك التصميم والإرادة".
وتضيف تقدمان مجتمعا قادرا على احتضان المختلفين ومساندتهم، مع إظهار بعد اجتماعي وتربوي وإنساني مهم، بأسلوب يبتعد عن الوعظ والتلقين المباشر، الذي يندر وجوده في الكتابة الإبداعية الموجهة للأطفال. مما يجعل هاتين القصتين إضافة مهمة للمكتبة العربية.
تضيء قصة "عالمي بلا حدود"، خيالات طفلة تعيد تشكيل العالم من حولها وفق ما يسمح به خيالها الممتد، متجاوزة ما يتخيله أقرانها. ترسم الغيوم كما يوجهها قلبها المبصر، فمرة تتحول الغيوم إلى جمال تسافر عليها بعيدا، ومرة أخرى تصبح بطّات تمشي نحو الماء، ومرة ثالثة تتحول إلى آلة بيانو تملأ الكون إيقاعا فيرقص الأطفال ويضحكون.
هكذا تعيد الطفلة تشكيل الحياة في كل مكان تذهب إليه، وترسمه على دفترها الذي يتنقل معها دومًا. يقودها الأمل بعدم البقاء أسيرةً لنقص في جسدها يحول دون ممارستها الحياة كما يتصور الناس، بل على العكس، فهي تملك روحًا مرحة، متقبلة للحياة، ومصممة على تحقيق أحلامها.
وإن كانت – كما تكشف القصة في نهايتها – طفلة كفيفة لا ترى، فهي تمتلك عينَ قلبٍ مبصرة، وبصيرة تكفيها لتجاوز مؤونة الحزن في دواخلها. إنها قصة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يقاومون النقص باجتراح الأمل بالكمال.
تحافظ قصة "عالمي بلا حدود"، بحسب داود، على جو من البهجة والفرح، تمتلئ بإشارات تتعلق بالصوت والحركة واللمس والشم، كوسائل تعويضية تحل محل حاسة البصر المفقودة. إنها حياة لا تتوقف، وعالم جميل يستحق أن يلمسه الكفيف ويحسه ويسمعه ويتفاعل معه.
وتبين داود أن قصة "عالمي بلا حدود"، تجسد مفارقة رمزية: حيث يضيق الكون بغياب البصر، تتسع الرؤية وتتسع، لتختفي الحدود نهائيًا، وتصبح الإمكانيات بلا قيود.
أما قصة "أحلم دوما بالطيران"، فهي تحكي بدورها عن طفل صغير مغرم بالطيران، يحلم بأن يصبح طيارا في المستقبل. يتخيل نفسه عصفورا يحلق في السماء أحيانا، وأحيانا أخرى يتعلق ببالون كبير أهداه له والده في عيد ميلاده. وعندما شارك أمه في قصقصة الورق، تخيل أنه ركب طائرة ورقية صنعها بمعونتها.
ورغم أنه كان يسقط في كل مرة ويخفق في الطيران، لم يكفّ عن التخيل. وفي النهاية، يحاور جده عن إمكانية أن يصبح طيارا في المستقبل، لنكتشف أن بطل القصة من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ إنه طفل مقعد يتنقل على كرسي متحرك ولا يستطيع المشي، ومع ذلك يتسع حلمه إلى أفق واسع. إنه فتى لا ييأس أبدا، يمارس التخيل حتى يتحول الخيال إلى واقع.
وتؤكد داود، أن قصة "أحلم دوما بالطيران"، تمتلئ بالبهجة والمواقف الطريفة والمضحكة، فيختفي الأسى ويتوارى الحزن، إذ تظهر القصة أن تحقيق الأحلام يحتاج إلى الإرادة والقوة والصبر. كما تسلط الضوء على المجتمع المحيط بالطفل – من معلمة وأصدقاء وأب وأم وجد – باعتباره داعما له، ما يجعل تحقيق الحلم مرهونا أولا بالإرادة الفردية القوية، وثانيا بدعم المحيط المساند.
وتومئ القصة، إلى أن ذوي الإعاقة لهم الحق في الحلم والتخيل، وأن يسعوا لأن يكونوا مميزين ومبدعين في مجتمعاتهم.
ويذكر أن المؤلفة أماني سليمان داود، هي كاتبة وأكاديمية أردنية معروفة، نشرت خمس مجموعات قصصية للكبار، إلى جانب كتاباتها الموجهة للأطفال، من بينها قصة "الكتاب المسحور"، "أحب عائلتي". ومن أعمالها الأخيرة قصة بعنوان "أبطال في طابور الماء"، التي تجسد جانبا من آثار العدوان الصهيوني على أطفال غزة. وقد تبنى نشرها وترجمتها كل من: المجلس القومي للترجمة، مركز الأزهر للترجمة في القاهرة. وصدرت مؤخرا، بالعربية وبعدد واسع من اللغات العالمية.