افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
يلقي تقرير مولر ظلالا على الرئيس ترامب فيما يخص وضع عراقيل محتملة امام العدالة، لكنه يعرض ايضا معلومات ثاقبة حيال امكانية ان تؤدي يقظة الضمير الى قلب مجرى الاحداث.
ان عددا قليلا من المواطنين الاميركيين سيقرأ الاجزاء العامة في تقرير المستشار الخاص روبرت مولر. ولا بأس في ذلك، اذ ان الخلاصتين الرئيستين معروفتان جيدا: حملة ترامب الانتخابية لم تتواطأ مع روسيا من اجل التاثير على سير انتخابات عام 2016، ومع ذلك فان الرئيس دونالد ترامب حاول ان يؤثر على سير التحقيقات. وسوف يقرر الكونغرس الان ما اذا كان الرئيس قد اعاق مسار العدالة. وعلى اي حال، فان اجزاء قليلة من التقرير تعرض درسا يفيد بان ما يمليه ضمير الفرد عليه من اعمال يمكن ان يصنع فارقا كبيرا في مجرى الديمقراطية.
يشيد السيد مولر ببعض الاشخاص الذين احاطوا بالسيد ترامب على وقوفهم الى جانب سيادة القانون. اذ كتب السيد مولر قائلا: «ان مساعي الرئيس في سبيل التاثير على سير التحقيق لم يحالفها التوفيق على الارجح، ولكن السبب في ذلك يعود بشكل رئيس الى ان الاشخاص الذين احاطوا بالرئيس رفضوا تنفيذ الاوامر او الاذعان لطلباته».
كان من بين الاشخاص البارزين المستشار السابق في البيت الابيض دونالد ماكغان. فقد اخبره الرئيس مرتين ان يطرد المدعي الخاص ولكن السيد ماكغان رفض في المرتين، مساهما على الارجح في انقاذ الديمقراطية الاميركية من الوقوع في ازمة دستورية. وقد راى السيد مولر ان السيد ماكغان الذي قدم استقالته في شهر تشرين الاول الماضي شاهد جدير بالتصديق اذ انه لا يملك دافعا من اجل الكذب او المبالغة نظرا للمنصب الذي شغله في البيت الابيض. ليس من السهل ان يقول المرء لا لرئيس اميركي. ومن القضايا الشهيرة في هذا السياق ما حدث في عام 1980 عندما عارض وزير الخارجية سايروس فانس العملية العسكرية للرئيس جيمي كارتر في ايران من اجل انقاذ الرهائن الاميركيين. لقد قدم السيد فانس استقالته، ومنيت العملية بالفشل مثلما حذر مسبقا.
في مثل هذه الحالات، يتطلب الامر شجاعة اخلاقية من الموظف العام كي يلتزم بمبادئه ومن ضمنها ان العدالة لا تسيس ابدا. ان افعال السيد ماكغان تعد اصداء لما قام به اليوت رتشاردسون، المدعي العام الذي رفض في عام 1973 أمر الرئيس رتشارد نكسون بطرد المدعي الخاص الذي يحقق في قضية ووترغايت. لقد كتب السيد رتشاردسون لاحقا: كلما فكرت في المسألة بدا لي واضحا اكثر فاكثر ان ثقة العامة في التحقيق تعتمد على كونه مستقلا، لا في الواقع وحسب بل وفي المظهر كذلك. في عام 1998، نال وسام الحرية الرئاسي.
ان مثال السيد ماكغان الذي يجسد الاستقلال الاخلاقي مفيد على نحو خاص في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة محاربة سبب رئيس في تحقيق مولر: المحاولات الروسية لاقناع الاميركيين بالاخبار الزائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ان التصدي لمثل هذه الحملات يتطلب بوصلة داخلية من اجل الكشف عن ما هو حقيقي والتصرف وفق ما يقتضيه. على الناخبين، كما هي الحال مع موظفي القطاع العام، واجب يتعدى الولاء لفرد او قبول ما يقرؤونه على المواقع الالكترونية. يجب عليهم التمسك بالقيم التي تزين المجتمع الديمقراطي، وهذا يعني في بعض الحالات التلفظ بكلمة لا.