عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jun-2024

مختبر السرديات الأردني يحتفي بالتجربة الروائية لجمال القيسي‎

 الغد-عزيزة علي

احتفى مختبر السرديات الأردني بتجربة القاص والروائي جمال القيسي في مقر دائرة المكتبة الوطنية، بحضور نخبة من الأكاديميين والمثقفين والسياسيين وجمهور من المهتمين بالشأن الثقافي.
 
تحدث في الحفل الذي أداره رئيس مختبر السرديات الروائي والقاص مفلح العدوان، كل من: القاصة والروائية هيا صالح، والروائي جلال برجس، الناقد الدكتور سمير قطامي، وقدم المحتفى به القيسي شهادة إبداعية حول تجربته الأدبية.
 
المتحدثون أكدوا، أن روايات القيسي ترصد مشاكل المجتمعين الأردني والعربي، كما أن روايته ليست ذات نمط الكلاسيكية تعكس مظاهر الواقع المختلفة بأسلوب سردي جميل، وتركز أعمال القيسي على المستوى الثقافي للمجتمع، وترصد حركته.
د. سمير قطامي، تحدث عن تجربة القيسي الروائية فتناول رواية "قسم البنفسج"، قائلا: "إنها رواية تحمل مضامين اجتماعية ونفسية وسياسية، لقد أدهشني القيسي بغزارة المعلومات الطبية والنفسية وأنواع المعلومات السياسية، وسلوك المرضى النفسيين، كما أنه "أبهرني بقدرته على رصد واقع العالم العربي، وتلك الصرعات والتيارات والاتجاهات وأيدولوجيات".
وأشار قطامي إلى أن القيسي في هذه الرواية لم يعرض واقع العالم العربي بصورة وردية زاهية، بل عرضه بصراعاته وتبايناته واصطفافاته وتوجهاته الدينية والقومية والانعزالية"، لافتا إلى أن القيسي قدم في روايته رؤية متقدمة في التسامح وقبول الآخر، أما ما يذهل القارئ في هذه الرواية وفق قطامي، فهو "رصد القيسي للحياة اليومية لنزلاء مستشفى الأمراض النفسية، وما ضمته من معلومات طبية وخبرة ووعي بالأمراض النفسية".
رأى قطامي، أن رواية "قسم البنفسج" لم تجر في خط تصاعدي، كما أنها ليست من الروايات الكلاسيكية ذات التنامي في الأحداث والقعدة والحل، بل هي رواية أفقية عكست على صفحاتها كل مظاهر الواقع المختلفة بأسلوب سردي جميل، وخيال خلاق اعتمد فيها أسلوب تعدد الرواة، لا الراوي العليم، وهذا أسلوب حديث في الرواية، إلى جانب اللغة الأدبية والأسلوب الرومانسي، كما تعددت فيها مستويات السرد والحوار.
وخلص قطامي، إلى أن القيسي في هذه الرواية أثبت قدرته على تشكيل عالم روائي واقعي حياتي بقالب الأسطرة والغرائبية، وامتلاكه الأدوات والوسائل الفنية ببراعة واحتراف.
من جانبها، تحدثت هيا صالح عن رواية "الخيط الأسود"، التي أخذتها كنموذج لاهتمام القيسي بالبعد الأنثربولوجي، التي تتحدث عن حياة البطل "واصل" طفلا يعاين واقعه داخل مساحة جغرافية ضيقة، البيت والحارة والمدرسة، ثم صبيا تنضجه الأحداث الدائرة من حوله على مهل، مثل رحيل والده وسفر أخيه لدراسة الطب في روسيا، مبينة أن القيسي اعتنى  بروايته على الصعيد الأنثربولوجي بوصف الأمكنة التي حمل كل واحد منها دلالة ورمزاً، ومنها مقبرة سحاب الإسلامية، وحي الشعيلية في مدينة مادبا مكان ولادة "واصل"، وحي المدينة الرياضية في العاصمة عمان، حيث استقر البطل في النهاية.
كما أشارت صالح إلى وصف القيسي للعلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، بين واصل وشقيقته مثلا، وفي الحارة، بينه وبين من كان يراهم أصدقاء أو أشخاصا مؤثرين، ومع المرأة بوصفها حبيبة. وكان لهذه العلاقات التي ارتبط بها "واصل" الأثر الجلي على نضجه فكريا وجسديا، ما مكنه من امتلاك وعي مغاير للسائد، وقدرة على التململ خارج الصفوف، بل ومحاكمة الذات والآخر بمنطقية.
وقالت صالح: "إن الرواية ركزت في المستوى الثقافي للمجتمع، على إبراز الفكر الديني لجماعة معينة، ذلك الذي كان مسيطراً على عقول الناس وموجها سلوكهم، وقد برز عامل التقديس بوضوح في الرواية عبر الطقوس اليومية للناس، وهو ما كان "واصل"، وقع في شركه برهة من الزمن قبل أن يتمكن من التحرر منه ومعاينته بوعي ورفض ورغبة في التغيير. وحدث ذلك بعدما امتلك "واصل" قدرة على النقد المبني على المساءلة فيما يتعلق بازدواجية المعايير، وعدم تطابق القول مع الفعل.
وخلصت صالح، إلى أن القيسي عبر روايته حاول تمثيل جزء من واقعنا الاجتماعي، عبر امتدادين زماني ومكاني، وفي مفاصل الرواية العديد من الإشارات والإحالات والرموز التي ينفرد بها المجتمع المحلي، لكنه في الوقت نفسه يتشاركها مع مجتمعات إنسانية تتواجد في كل أصقاع الأرض، ليصور في النهاية، حال الإنسان المسحوق والهائم في واقع اجتماعي تحده القيود وجلها صنعها هو وعلى عينه.
فيما ثمن الروائي جلال برجس في تسجيل مصور، دور الزملاء في مختبر السرديات الذي يعد منارة ثقافية في الأردن والعالم العربي، وقال برجس: "إنه تعرف على القيسي من خلال مجموعاته القصصية التي يتطرق فيها إلى المجتمعين الأردني والعربي، ويجد فيها القارئ رصدا للإنسان الأردني والعربي"، مشيرا إلى أن رواية "قسم البنفسج"، هي رواية مشوقة وفيها رصد للمجتمع الأردني، ثم تحدث برجس عن لغة القيسي التي رآها، إنها لغة متزنة ليس فيها زيادة أو نقصان.
فيما قدم جمال القيسي، شهادة إبداعية شكر فيها المتحدثين والحضور، ثم قرأ نصًا نثريا قال فيه: "عمان مساء الخميس.. غزة مساء الخميس، مساء الخير يا عمان.. مساء الحب والحزب والحرب والحزن.  مساء الأمل الذي اخترعه اليأس فتحول إلى مقاومة باسلة تمرد فيها الدم الجليل الأعز على السيف الصقيل الأذل. ومساء الكف الذي جابه المخرز!".
وقال القيسي: "مساء الخير يا عمان، ومساء الحزن الذي بلل مناديل دموعي لليال كثيرة. أقمت فيها الليل نافذة أسى ومرارة حتى تطلع الشمس على قلب من رماد ودموعي لم تجف! أعني الدموع التي سكبتها في قلبي حين غارت السيوف الردينية المسمومة في ظهر براءتي وطيبتي التي تصل إلى حد الغفلة في أحيان كثيرة، "بأيدي صفوة الصحب دمي المطلوب يا دادا"! بالأمس واريت أولئك في أجداث الخيبة كي تجرفهم أعاصير النسيان!".
وفي نص ثان قال القيسي: "غزة مساء الخميس، مساء الحرب ومساء الحق والحرب المقدسة! سماء بحر بلا شاطئ بهجة، وسماء استبدلت نجومها بجحيم تصبه في عيون أطفال غادرتهم الطفولة وولت هاربة إلى الأبد، وبر صار صحراء اكتست برماد الفقد والنشيج، لكن غزة تردد في الكون لا، قد خسرت الدنيا نعم، قد تخسر الكلمات، لكنها تقول الآن لا، هي آخر الطلقات ..لاااا، هي ما تبقى من هواء الأرض.. لاا، هي ما تبقى من نشيج الروح.. لا، غزة لا، غزة لا ".
وكان رئيس المختبر القاص مفلح العدوان، استهل الحفل الذي استعرض منجزات القيسي الأدبية منذ عشرين عامًا، منوهًا إلى ما قدمه من كتابات في القصص والرواية والمقالات المتنوعة والنصوص الأدبية، لافتا إلى أن برنامج "سيرة سارد"، يعاين تجربة كبار الأدباء الأردنيين، بمشاركة عدد من الكتاب الذين لهم باع طويل ومتميز في الأدب والثقافة والشعر، والذي ينظمه المركز بشكل مستمر.