عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jan-2020

مرحلة البلوغ وتغيراتها.. كيف يهيئ الآباء أبناءهم لاستقبالها؟

 

ديمة محبوبة
 
عمان-الغد-  ما يطلق عليه مرحلة البلوغ هي المرحلة الانتقالية بين مرحلتي الطفولة والشباب، ويطلق عليها مرحلة المراهقة أيضا، وعند الذكور تحديدا تدعى الانتقال من الطفولة إلى الرجولة.
هذه المرحلة الانتقالية غير مقتصرة على العمر فقط، بل على تغيرات كثيرة في حياة الذكر، والتي عادة ما تبدأ من 12 إلى 21 عاما، ويترتب عليها تغيرات جسدية ونفسية واجتماعية.
ومن أكثر المشكلات التي تؤرق الأهالي، وتحديدا الأمهات، كيفية تحضير أبنائهن لهذه المرحلة، التي تعد حرجة بما يخصها من التعرف على الجسد واكتشافه ومعرفة التطورات الجنسية التي تحدث مع البعض في عمر مبكر.
ويؤكد اختصاصيون أن مظاهر النمو عند الذكور في مرحلة البلوغ تكون بتتابع ظهور العلامات النمائية أثناء مرحلة البلوغ بسرعة واضحة؛ كمظاهر النمو العامة وظهور الشعر في جميع أنحاء الجسم، وكذلك اختلاف الصوت، فيصبح أخشن وله ميزات أخرى غير المعهودة في الطفولة، وكذلك يصبح الذكر في هذا العمر يمتلك أنفا أكبر، وتغيرات في إفرازات الجسم والجلد.
وتلاحظ الأمهات هذه المظاهر ومنهن لميس علي، التي ترى أن ابنها البالغ من العمر 12 عاما، بدأت التغييرات في صوته (أصبح أكثر خشونة)، وتغيرت ملامح وجهه الناعم اللطيف، وبات له أنف أكبر قليلا، وبعض الشعيرات السوداء في شاربه. كل هذه العلامات تدل على أن ابنها كبر وبلغ أو على وشك، وما تقصده هنا هو البلوغ الجنسي، الذي لا تعرف كيف يمكن أن تصفه لابنها أو حتى تفتح الموضوع معه، وما عليه أن يقوم به تجاه نفسه وعائلته في هذه المرحلة.
وتؤكد أن ما يصعب الأمر عليها أكثر هذه الأيام هو أن زوجها يعمل في الخارج، ما يجعلها مسؤولة عن أي حوار مع أبنائها وبناتها، وأي توجيه أو إرشاد سريع يكون من مهامها، مبينة أن قنوات الحوار والحديث المستمر مفتوحة بينها وبين أبنائها، وتحديدا محمود، وهو ابنها البكر الذي يبلغ اليوم 12 عاما.
وتقول “أنا اليوم أشعر بالحرج الشديد، فما سأقوله عن هذه المرحلة هو كلام حساس ومحرج، لكن يتوجب توضيحه لابني، حتى لا يسمع من أصدقائه بالخارج، وحتى يتلقى المعلومة الصحيحة بأفضل وصف وأكثر سلامة ولإعطائه نصائح للمحافظة على سلامته النفسية والجسدية والنظافة التي تتطلبها هذه المرحلة بشكل مختلف عن أيام الطفولة”.
اختصاصي الطب العام د. مخلص مزاهرة، يؤكد أن مرحلة البلوغ مهمة ويمر بها الجميع باختلاف أوقاتها، ولها تأثيراها الجسدي والنفسي، لكن حتى وإن مرت بسلام، فهي تحمل التغيير في طياتها، خصوصا التغير النفسي والجسمي والجنسي.
ويضيف “أول مظاهرها هو النمو الجسمي؛ إذ تعد الدلالات الجسمية والجسدية من مؤشرات البلوغ وأكثرها تعبيرا عنه؛ حيث تظهر على هيئة تغيرات جسدية أو ما يسمى العلامات الجنسية الثانوية”.
ويركز مزاهرة على أن التغيرات الجسدية التي تظهر على الذكور في فترة النمو الاضطرابات والتغيرات في نبرة الصوت، وذلك سببه طول الأوتار الصوتية والزيادة في طول وكتلة الجسم والعضلات، بالإضافة إلى نمو الشعر في مناطق مختلفة من الجسم كالوجه ومنطقة الصدر والإبطين وبين الأفخاذ، والكثير من التغيرات في الجهاز التناسلي.
ويضيف “تنتج جميع هذه العلامات لبدء إفراز الهرمونات الخاصة بالبلوغ من الغدة النخامية والغدد الجنسية، لإنتاج الخلايا التناسلية، لتصبح بذلك خلايا ناضجة وجاهزة لعملية الإخصاب”.
أما اختصاصي علم النفس الدكتور د. موسى مطارنة فيؤكد أن المراهق يتعرض للكثير من مظاهر النمو النفسي؛ إذ يعيش التقلبات النفسية التي تؤثر على مزاجه وعصبيته، وكأنه يعيش صراعات داخلية، فيكون الفرد في هذه المرحلة كثير الحساسية، وما بين الخجل والجرأة، ما يعني أن التقلبات والتناقضات كبيرة.
ويتابع “يتوجب على الأهالي أن يتدخلوا بهذه المرحلة، ويشاركوا أبناءهم، فهم يعيشون مرحلة التناقض والخيال الواسع والنفسية المرهفة”، رائيا أن الفرد المراهق من الممكن أن يكون شخصا انطوائيا وذا شخصية ضعيفة أو قويا وجريئا، ويشعر أنه مكتمل حتى أنه يبحث عن الاستقلالية، ويبتعد عن عائلته، وعن تجمعاتهم وجلساتهم.
في حين يبين اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، أن التطور الطبيعي للفرد هو وصوله لمرحلة المراهقة، وعند الحديث عن الذكور يعني أن نتحدث عن طفل كبر في مجتمع يعتقد أنه ملك له، فدائما ما نسمي المجتمعات العربية بأنها ذكورية، وأن لديها السلطة الكبيرة على الأخت وأحيانا على الأم.
ويعتقد البعض منهم بأنه عند وصوله لهذه المرحلة كأنه أخذ التذكرة ويسمح له بأن يفرض قوته على من حوله، وأن رأيه هو الأول والأخير، ولذلك على الأهالي أن يهيئوا هذا الطفل لهذه المرحلة من خلال التوضيح أن الحياة هنا تشاركية، وأن الأم والأب مهما كبرا، ومهما اختلف تركيب العائلة هما فقط من لهما الحق في القول الأخير، وفق مطارنة.
ويضيف “وكل شيء يأتي من خلال الحوار التشاركي الفعال المحترم، الذي يحترم رأي الجماعة ويكون بطريقة عرض تقدر من حوله، وأنه لا فرق بين ذكر وأنثى في المنزل، ما يعني عدم تغير الأخ وجعل نفسه المسؤول عن الفتاة وتصرفاتها، فالحياة أخوية، وعلى الجميع احترام الآخر”.
ويؤكد جريبيع أن البعض من هذه الفئة يبحث عن الاستقلالية المالية والنفسية، وحتى الاجتماعية، والتحرر من الأسرة والدفاع عن استقلاليته الذاتية، والتصدي للسلطة في حال مقاومة ورفض هذه الاستقلالية، ومحاولة إقناع ذويه أنه أصبح رجلا وأحيانا يكون بالتفاهم، وأحيانا كثيرة يكون بالرفض والعصيان والصراخ.
ولإنشاء مجتمع جاد ومتوازن، وفق جريبيع، يتوجب على الأهالي أن يتعاملوا مع هذه الفئة بالجد والحزم والتوازن أيضا.
وينصح التربوي د. محمد أبو السعود، الأهل، في هذه المرحلة، والتي ترسم حياة الفرد في المستقبل، بأن يستمعوا جيدا، ويراقبوا بلا ضغط وبشكل ذكي، واستخدام الحزم والتعاون، وأهم نقطة يشير لها هي الابتعاد عن الاستهزاء بمشاعره في الحب الأول أو فقدانه صداقة فلان أو أي تعامل بينه وبين عائلته أو أخته أو أي شخص.
ويؤكد أبو السعود “بهذه الحالة يمكن فعلا أن يتم التعامل مع هذه المرحلة بسلاسة”، ويعود ليذكر أهمية شرح هذه المرحلة بكل تغيراتها حتى التغيرات الجنسية الحرجة بشكل كامل وواع وصريح، لأن الفرد سيذهب دائما للمعلومة وسيبحث عنها، وهنا يؤكد ضرورة أخذها من مصدر مهم ومحب لهذا المراهق، بحيث لا يضره.