عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Oct-2019

محو «إسرائيل» من الذاكرة الفلسطينية - كمال زكارنة

 

الدستور- تشكو اوساط ووسائل اعلام اسرائيلية من قيام السلطة الوطنية الفلسطينية -وزارة التربية والتعليم، بحذف كل ما يتعلق باتقاقيات السلام الموقعة مع الاحتلال الصهيوني منذ عام 93 وما تلا ذلك من تفاهمات وبروتوكولات واتفاقات سياسة واقتصادية وغيرها، من المناهج التعليمية الفلسطينية من الصف الاول الاساسي وحتى التوجيهي ،وشطب كل ما يتعلق بدولة الكيان المحتل ،واذا جاء ذكر لها في اي منهاج فانها توضع بين قوسين تأكيدا لعدم الاعتراف بوجودها .
انها خطوة فلسطينية تربوية في غاية الاهمية والاتقان ،اذ لا يجوز الاشارة الى «اسرائيل» الا بوصفها الكيان الغاصب لفلسطين والمحتل للاراضي الفلسطينية ،وانه كيان مكون من عصابات القتل والاجرام ،التي كانت عبارة عن اكوام من النفايات المكدسة في دول اوروبا وامريكا وغيرها ،وعندما ارادوا وقرروا التخلص منها القوا بها الى فلسطين عن طريق البحر بواسطة السفن والبواخر العملاقة في العامين 47 و 48 من القرن الماضي ،وتواصلت عمليات النقل وما تزال مستمرة حتى اليوم ،بعد ان قامت تلك الدول بتسليح وتدريب تلك العصابات المجرمة التي فتكت بالشعب الفلسطيني وهجّرته من ارض وطنه الى الشتات واستولت بقوة السلاح على ارضه وممتلكاته ،وفرضت عليه صراعا قاسيا ما يزال مستمرا تحت عنوان صراع الوجود ،هذه هي الصورة الحقيقية والواقعية للاحتلال الصهيوني التي يجب ان تبقى محفورة في ذهن وفكر كل فلسطيني اينما وجد ،الاحتلال الذي لا علاقة له بالسلم والسلام والتعايش الآمن ،فهو احتلال عدواني توسعي استيطاني احلالي ،يعمل دون توقف على اقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه وزرع المستوطنين المستقدمين من شتى بقاع الدنيا مكانه.
انه اجراء وطني بامتياز وقرار علمي توعوي يجب ان يستمر ،من اجل فهم اجيال المستقبل للوقائع والحقائق التاريخية كما هي ،والتعامل مع الحاضر بصورته الصحيحة والسير نحو المستقبل الناجح بمسارات معروفة ومكشوفة خالية تماما من الحفر والمطبات والمصائد.
 الاحتلال يريد ان يستحوذ على كل شيء من غير ان يقدم اي شيء ،ولا يجوز السماح له بذلك ،والجميع يعرف ان حرب الوجود التي يخوضها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال بكل ضراوة ،هي حرب شاملة تشمل جميع التفاصيل والمكونات التي تشكل بمجموعها منظومة الحياة البشرية ،ويعتبر جهاز التربية والتعليم من خلال المدرسة والروضة ثم الاسرة ،مصنع الاعداد والبناء العملي والحقيقي لانتاج الاجيال القادرة والمؤهلة ، التي تعتبر قائدة ورائدة التنمية والنهضة الوطنية بكل تفاصيلها ومحتوياتها وابعادها،وعماد العطاء والركائز التي يعتمد عليها الوطن اثناء عمليات الانتقال من مرحلة الى اخرى اكثر تطورا وتقدما ،وهذه الاجيال يجب ان تكون واعية لتاريخها ومدركة تماما لكل ما يدور حولها ،وليس بمقدور اي وسيلة منافسة المنهاج المدرسي للوصول الى هذا الهدف وتحقيق هذه الغاية.
يجب ان يعلم الاحتلال الصهيوني بأن عصاه عاجزة عن توجيه الشعب الفلسطيني كيفما يشاء ،لان هذا الشعب يملك من القدرة والذكاء والكفاءة ما يمكّنه من هزيمة الاحتلال فكريا وتوعويا وثقافيا ،وهذا احد اسرار الانتماء الوطني الفلسطيني الذي يزداد تعصبا والتصاقا بالوطن جيلا بعد جيل على عكس ما تمناه وتوقعه الاحتلال .
المناهج المدرسية تعتبر المصدر النقي والنظيف والصالح، الذي تنهل منه الاجيال المتلاحقة العلم والثقافة والرسالة ،ومنه تتشكل الشخصية الوطنية ،والاحتلال يجب ان يشار له على انه مغتصب للارض والحق الفلسطيني ومتسبب بكل ما حلّ بالشعب الفلسطيني من ويلات ومآسٍ ومعاناة وتشرد وتهجير وخسارة وطن.