عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2019

تاريخ من لا تاريخ لهم - يوسف غيشان

 

الدستور- التاريخ لا يسجل بدقة وأمانة تفاصيل ومجريات ما حصل، بل هو ما تمت كتابته، وعادة ما يكتب المنتصر التاريخ على مزاجه وحسب مصالحه، ولا يتورع ولا يتوانى عن منع غيره من التأريخ، لا بل يمزق ويحرق ويقتل ويزور ما استطاع اليه سبيلا.
سرق المنتصرون التاريخ و»قيّدوه» على كيفهم.... عداها تلك الحكايات والأقاصيص والنوادر التي تنسب احيانا الى شخصيات واقعية أو إلى المهابيل والمساطيل أو الى عقلاء المجانين ومجانين العقلاء .... لكنها في الواقع – هذه الحكايات -هي روح الشعب الساخرة التي تقاوم الظالم والمحتل، عن طريق فقع بالونات البروبوغندا وهالات التقديس التي يرسمها حول الديكتاتور طاقم   من المزمرين والمطبلين والشحاذين والانتهازيين، وكتّاب التدخل السريع.
لكن الوعي الشعبي الجمعي للناس حوّل هذه الحكايات الى حقيقة تأريخية وتاريخية مفارقة للزمان والمكان، وهي تتبختر متجولة من الماضي الى الحاضر الى المستقبل بكل أريحية ما دام هناك سلاطين ظلام لتطالهم في كل زمان ومكان.
انها حكايات .... سواليف .... نوادر .... طرف .... ملح ....  سمّها ما شئت، لكنها ضمير الشعب الذي فشل المؤرخون الهمل في تزويره.
لم يستطع اجدادنا – الساخرون الأوائل-السكوت على الظلم والقهر والضيم وانعدام العدالة الاجتماعية بكل تنويعاتها.ما كانوا يصبرون على جمر الكلمة، بل يلقونه بكل جرأة في وجه الظالم المستبد ......انهم عقلاء المجانين وربما مجانين العقلاء.
قد يكون بعضها قد حصل، وبعضها تم تأليفه ليتناقله الناس جمرا وشررا يشعل النار تحت اقدام الغزاة، فكان أن استمر الجمر والشرر ما استمر الظلم.
بعض هذه الحكايات مسروقة من طنجرة التاريخ –وهي منتوجات الضمير الشعبي الشفوي والمكتوب عبر العصور، يمكن وضع معظمها بتوظيف سياسي اجتماعي واضح، ويمكن ترك بعضها – بلا توظيف – لحين الحاجة.
الحكايات، خناجر تنخس خواصرهم الى الأبد، وحلم مزعج يراودهم باستمرار، وخوازيق صغيرة تنكد عليهم متعة الجلوس على الكراسي غير الدوارة.
الابتسامة الشرسة في وجه المنتصر الظالم تفقده لذة الفوز وتحول تجبّره الى مهزلة وتفقده الثقة بالنفس.
يحق لأطفالنا الابتسام والضحك عليهم. على أولئك الذين يسرقون حليبهم وخبزهم وحقهم في الحياة الحرة الكريمة.
يحق لكم جميعا أن تضحكوا عليهم
يحق لهم ايضا ان يضحكوا على أنفسهم.
وإنها لقهقهة حتى النصر!!