ثر وإنسان.. قبل أن يبدأ (عصيانُ الكَرَك وتمرّدها) على السلطة العثمانية عام 1910
محمد رفيع
الراي - مشايخ وأعيان ووجوه أهالي الكرك: (نحن ممتثلون لما تأمره الحكومة مت تحرير النفوس أو تحرير الأملاك، أما جمع الأسلحة فهو متوقّف على تأميننا من شرّ العربان (المحيطة) في بلادنا.. وهُم السبب الوحيد لحملنا السلاح) 1910) (94)
وثائقُ الأرشيف العثماني
أولاً؛ لا بدّ من تصحيح تاريخ اندلاع عصيان الكرك؛ وهو 5 كانون أول/ ديسمبر (12 (عام 1910 بالتاريخ الميلادي الغربي؛ الذي يوافق 22 تشرين ثاني/ نوفمبر (11 (عام 1326 مالي (أو رومي)؛ الذي يوافق التاريخ الهجري 4 ذي الحجّة عام 1328 هجرية.
في هذه الحلقة، سنعرض جانباً من التسلسل الوثائقي الرسمي العثماني، كما تقوله الوثائق العثمانية؛
الوثيقة (1(؛ وهي بتاريخ 24_10 _1326 مالي (1910 ميلادي)؛ كتبها (الفريق سامي باشا الفاروقي؛ القومندان العام للحملة الحورانية؛ سامي الفاروقي) من (السويداء)، على هيئة تلغراف موجه إلى متصرف الكرك، جاء في مضمونها: (ضرورة الإسراع بتحرير نفوس الأهالي في سنجق الكرك وعشائره، وجمع الأسلحة منهم).
الوثيقة (2(؛ وهي بتاريخ اليوم التالي للوثيقة السابقة أي في 25_10_1326 مالي (1910 ميلادي)؛ هي عبارة عن مضبطة موقعة من (مشايخ وأعيان ووجوه أهالي الكرك)، حيث جاء فيها:
(المعروض مقدّميه مشايخ وأعيان ووجوه أهالي الكرك؛ هو أننا بهذا اليوم قد تبلغنا الأوامر الواردة تلغرافياً، من جانب سامي باشا القايد العام للحملة الحورانية، من طرف مقام المتصرفية العلية، المتضمن الاستفسار عن درجة إطاعتنا للحكومة السنية، بتحرير النفوس وجمع الأسلحة؛ وحيث أنه لا يخفى على كل فرد عثماني خلوص عبوديتنا للسدة العثمانية، حتى مما يوجب فخرنا من قَبل تشكيل هذا اللواء، ومن بعد تشريف الحكومة لحدّ الآن (أننا) لم نأتِ بما يخالف أوامر الحكومة السنية، لا سيما الآن بزمن المشروطية (أي الدستور) والمساواة، فلا لنا مندوحة أبداً عن اقتضاء والامتثال بكافة ما تأمرنا وتكلّفنا به الحكومة السنية، إن كان من تحرير نفوس أو تحرير أملاك، أما جمع الأسلحة فهو متوقف على على تأميننا من شرّ العربان (المحيطة) في بلادنا، وعلى الدوام تسطو علينا، وهم السبب الوحيد لحملنا السلاح؛ وإشعاراً بخلوص عبوديتنا أتينا بعريضتنا، (بها) مُشعرين استعدادنا (لفداء) الدولة بمالنا وأرواحنا، ولنا الثقة التامة بأن الحكومة تقدر لنا هذا الإخلاص حق التقدير، وتتعطّف على فقرنا، حتى تتكرم علينا (بمعافاتنا) من رسوم التحرير (رأفةً) بحالنا؛ وبكلٍ نحن وديعة الدولة وأمانة السلطان فرمان).
وقد وقّعها كل من؛
(إبراهيم القسوس؛ بطرس الصنّاع؛ ساهر محمد المعايطة؛ شيخ الطراونة حسين؛ رئيس البلدية رفيفان المجالي؛ رئيس طائفة الروم أفتيموس؛ شيخ مشايخ الكرك قدر المجالي؛ محمود طه؛ شيخ جبرين؛ داود مبيضين؛ مصطفى الجعفري؛ يوسف حجازين؛ حنّا عودات؛ متري الزريقات؛ عودة القسوس؛ شيخ علي يونس؛ عيسى زيادين؛ يعقوب مدانات؛ عبد االله عكشة؛ عطا االله سحيمات؛ عطا االله الطراونة؛ سلامة معايطة؛ فريوان المجالي؛ إسحق مدانات؛ درويش حباشنة؛ سالم الصرايرة).
الوثيقة (3 (و(4(؛ وهي بتاريخ نفس يوم توقيع الوثيقة (2(؛ وهي عبارة عن تصديق للمضبطة السابقة من مشايخ الكرك، وبمضمون قيامهم بـ(التبليغات والإخطارات والترغيبات والتشويقات)، التي تضمنها تلغراف قائد الحملة الحورانية؛ وقد وقع مضبطة التصديق كل من؛ (أعضاء مجلس إدارة الكرك؛ عيسى زيادين، عودة قسوس، مصطفى جعفري؛ والمفتي محمد صالح، ومدير التحريرات محمد خيري، والمحاسب محمد محي الدين، والنائب محمد شكري، ومتصرف الكرك محمد طاهر، ورئيس بلدية الكرك رفيفان المجالي، ونائب القومندان العام جلال الدين، وقومندان الجندرمة محمد فؤاد).
الوثيقة (5(؛ وهي بتاريخ اليوم الثالث لتلغراف قائد الحملة أي في 26_10_1326 مالي (1910 ميلادي)؛ وهي من قائم مقام الطفيلة فؤاد إلى متصرف الكرك، ومضمونها؛ (موافقة الأهالي وتعهد الأعيان والشيوخ على تحرير النفوس، وبتشكيل اللجنة ومأمورها، وكذلك مجلس استشاري، ونشر الإعلانات عن تحرير النفوس في البلدية وبين الأهالي).
الوثيقة (6(؛ وهي بتاريخ 31_10_1326 مالي (1910 ميلادي)؛ كتبها (الفريق سامي باشا الفاروقي؛ القائد العام للحملة الحورانية؛ سامي الفاروقي) من (السويداء)، يصرّ فيها على (ضرورة الإسراع في تحرير النفوس والأملاك والأسلحة في المنطقة المعمورة من الكرك، وبين عشائر البادية المترحلّة)، مشدداً على (عدم استثناء جمع الأسلحة)..!؟
مقدّمة تاريخيّة وملاحظات؛
هَيّة الكَرَك؛ هي عصيان مدنيّ، ما لبث أن تحوّل إلى ثورة مسلّحّة، ضدّ التجنيد الإجباري وتعداد النفوس. حيث اندلع العصيان في 22 تشرين الثاني (11 (عام 1326) بالتاريخ المالي العثماني)، واستمرّ نحو شهرين، وكان أعنف الاحتجاجات ضدّ العثمانيين، التي اندلعت قبيل الحرب العالميّة الأولى، حيث قمعتها السلطات العثمانيّة بعنف شديد. المصدر الصحفي الدمشقي لهذه الوثائق هو من أكثر المصادر الصحفية توازناً في تلك الفترة، وهي صحيفة (المقتبس) الدمشقيّة لصاحبها محمد كرد علي، غير أنّها تبقى صحيفة موالية للسلطة العثمانية، ولا تخرج عن طوعها. لا يتدخّل الكاتب في الوثائق المنشورة إلّا في أضيق الحدود، بهدف الشرح أو التوضيح فقط لا غير. هنا في صفحة فضاءات، سننشر الرواية الصحفية العربية العثمانيّة الرسميّة لأحداث الكرك، والتي استمرّت لما يزيد عن شهرين، كما رأتها السلطات العثمانيّة في حينه، على هيئة يوميات ومتابعة صحفية للأحداث. وتشكّل هذه المادّة جانباً وثائقيّاً صحفياً لـِ(هَيّة الكَرك)، كرؤية رسمية للسلطات آنذاك. أما السلطات العثمانيّة فقد أسمتها؛ (فتنة الكَرَك)..!