عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jun-2019

اللغة في الجامعات والخطابة والإعلام - الدكتور علي عبد السلام المحارمة

 

الدستور - اللغةُ هي وسيلةٌ ابتدعها البشرُ عبرَ عصورٍ ممتدةٍ للتّعبير والتّواصل، وتمتازُ لغتُنا العربيةُ بالتّفرّد بخصائصها الجمالية من حيث البيان والإعجاز ؛لذا فقد وسعتْ كتابَ الله  لفظًا وغايةً: «قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» وتعدُّ اللغة العربيّة من اللغات الخالدة الّتي تستمد ديمومتها من حفظ الله تعالى للقرآن الكريم، حتى يوم الدين: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» صدق الله العظيم.
وأُشيدُ بمؤسسة ولي العهد ومجمع اللغة العربيّة المشروع المشترك الذي أطلقاه للحفاظ على لغة الضّاد قبل أيام؛ لا سيّما وأنّنا نشهد هذا اللحن والتشويه والضوضاء في اللغة وفي وجداننا العربيّ بشكل عام.
وربّما نقبلُ على مضضٍ ضعفَ الأداء اللغوي للعوام  على أنّ ذلك أمرٌ طبيعيٌّ ساد خلال العهود، حيث كانت الفصاحةُ وطلاقةُ اللسانِ وجزالة التعابير حِكرًا على طبقة المثقفين والأدباء والشّعراء والعلماء؛ غير أنّنا لايمكننا التّهاون البتّة  والاستخفاف باللغة في المحافل العلمية وفي الإعلام، وبين العاملين في ميادين الخطابة.
وسلامةُ اللغةِ ليست أمرًا ترفياً ثانويًا تجميليًا، إنّما هي من أساسيات نجاح العمل الجاد في هذه المحافل وغيرها، وكما تقول الكاتبة ميادة الحوراني: «اللغة هي الوعاء الذي تقدم به الأفكار، فيجب أن تكون سليمة ونظيفة كي نتناول هذه الأفكار بتلذّذٍ...ولا بدّ للمضمون الجميل من قالبٍ لغويٍّ صحيحٍ يزيدُه جمالًا».
ولا يُعيب المثقفين وطلاب العلم والإعلاميين وخطباء المنابر أن يطوّروا لغتهم من خلال المطالعة والدّرس المستمر، على الأقل في النّحو والإملاء، حتّى نتجنّب ذلك الامتعاض الّذي يعترينا حين يقوم خطيبُ جمعةٍ برفع الاسم المجرور، أو حين يقوم طالبٌ بكتابة الألف في اسماء الإشارة، أو حين يسقط أستاذه في التمييز بين النون والتنوين، أو حين يتلعثم مذيعٌ في قراءة الأرقام...
لذا؛ فإني أزجي نصيحتي لمؤسسة وليّ العهد ومجمع اللغة بأن يتم إطلاق البرامج التأهيلية الشاملة والجادة لهذه الفئات للنهوض من جديد بلغتنا السائرة نحو الانحدار، وأن يتم إيلاء هذه اللغة في المناهج التعليمية الاهتمام الذي تستحق، بالاضافة لزيادة المساقات الإجباريّة للّغة العربيّة في الجامعات، حيث تقتصر اليوم على مساق وحيد لا يدرسه إلا من يخفقون في امتحانها البديل.
وحتى نكون منسجمين مع أنفسنا، وكي لا نغدوا منفّرين لا محببين بهذه اللغة، فثمة العديد من الدراسات والابداعات والبرامج والأفكار التي اعتنت بإحياء اللغة العربية وتجديدها وتسويغ التّعامل بها في كافّة المحافل العلميّة والعمليّة، لا زالت غالبيتها على ناصية الانتظار لمن يأخذ بيدها كي ترى النور، وليس أحقَّ من هاتين المؤسستين  بالأخذ بيدها نحو النّجاح.