عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Oct-2024

زيارة بلينكن للمنطقة.. هل تنجح في تحقيق تهدئة في غزة؟*ليث القهيوي

 الغد

تشهد المنطقة توترات متصاعدة وصراعًا متواصلًا بين إسرائيل وحركة حماس، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى التدخل الدبلوماسي المكثف في محاولة لإنهاء الأزمة المتفاقمة. تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في إطار جولة إقليمية حساسة تستهدف تحقيق تهدئة في غزة، وتأمين ممرات للمساعدات الإنسانية، وإعادة ترتيب الوضع في القطاع الذي يعاني من حصار شديد. 
 
 
بلينكن يسعى لتحقيق عدة أهداف خلال زيارته، تبدأ بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. هناك أيضًا هدف آخر يتعلق بتأمين المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان غزة الذين يعانون من أزمة إنسانية حادة بسبب القصف والحصار. على الصعيد السياسي، تعكس هذه الزيارة سعي الولايات المتحدة لتعزيز دورها كوسيط رئيسي في المنطقة، وهو ما يرتبط بجهود إعادة إحياء التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج، خاصة السعودية. 
 
هذه الأهداف لا تقتصر على معالجة الأزمة الفورية فحسب، بل تسعى أيضًا إلى إعادة صياغة الوضع السياسي في غزة، حيث تطرح الإدارة الأميركية “صيغة حكم جديدة” تشمل دورًا أكبر للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع بعد إضعاف حركة حماس عسكريًا. يأتي هذا ضمن سياق استراتيجي أميركي أوسع لتحقيق استقرار في المنطقة عبر تغيير ديناميكيات السلطة في غزة. 
تأجيل زيارة بلينكن إلى الأردن يثير تساؤلات حول أولويات الولايات المتحدة ودور المملكة في جهود التهدئة. الأردن لطالما لعب دور الوسيط التقليدي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتربطه علاقات تاريخية وجغرافية مع الجانبين. لذا فإن تأجيل الزيارة يمكن تفسيره كترتيب مؤقت يهدف إلى التنسيق مع السعودية ومصر لتحقيق موقف عربي موحد بشأن غزة. من المحتمل أن يكون تأجيل الزيارة فرصة للأردن لتعزيز موقعه في التحالفات الإقليمية والتنسيق مع دول الخليج. 
زيارة بلينكن إلى السعودية تحمل في طياتها بعدًا أعمق يتعلق بمحادثات التطبيع بين الرياض وتل أبيب. هذا الملف يعكس محاولة لإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية وتوسيع نطاق النفوذ الأميركي في المنطقة. إذا ما نجحت هذه المحادثات، فإن السعودية قد تستخدم علاقاتها الجديدة مع إسرائيل كأداة ضغط لتسهيل الوصول إلى تهدئة في غزة، وربما أيضًا لفرض تسويات سياسية في المستقبل. 
من جانب آخر، قد تواجه هذه المحادثات عقبات بسبب مطالب الطرفين المختلفة، إذ ما تزال إسرائيل متشددة في شروطها بينما تسعى السعودية لتحقيق تنازلات واضحة تتعلق بالوضع الفلسطيني. 
أحد أبرز الملفات التي يناقشها بلينكن مع القادة الإقليميين هو مستقبل غزة بعد الحرب. يتحدث المسؤولون الأميركيون عن صيغة حكم جديدة تتضمن تعزيز دور السلطة الفلسطينية وإضعاف حركة حماس. في هذا الإطار، سيكون هناك تركيز على إعادة إعمار القطاع، وهو ما يتطلب توافقًا بين الأطراف الفلسطينية ودعمًا دوليًا كبيرًا لضمان استدامة الحلول السياسية والأمنية. 
غير أن هذه السيناريوهات تواجه تحديات كبيرة، أبرزها رفض الفصائل الفلسطينية لتقديم أي تنازلات سياسية قد تعتبرها خسارة لنفوذها، بالإضافة إلى الحاجة إلى إجماع دولي وإقليمي على صيغة الحكم المقترحة. 
يعد التدخل الإيراني في دعم الفصائل المسلحة في غزة ولبنان جزءًا من استراتيجية طهران لزيادة نفوذها في المنطقة. إيران تدعم حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، مما يعزز من خطر فتح جبهات جديدة في حال استمرار التصعيد. إسرائيل تعد الدعم الإيراني تهديدًا استراتيجيًا وتسعى لتقويضه عبر ضربات عسكرية مكثفة. 
في هذا السياق، تحاول واشنطن احتواء التصعيد مع إيران وحلفائها عبر محادثات دبلوماسية مع السعودية ودول الخليج، ولكن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى استعداد الأطراف المختلفة لتقديم تنازلات وتبنّي مسار أكثر اعتدالًا في التعامل مع الأزمات. 
رغم الضغط الدولي المتزايد لتحقيق تهدئة في غزة، ما تزال العقبات السياسية والأمنية قائمة. إسرائيل تبدو مصرة على إضعاف حماس بشكل جذري، في حين تحاول الولايات المتحدة والدول العربية العمل على خلق توازن بين الاحتياجات الإنسانية والاعتبارات الأمنية، ويبقى السؤال حول ما إذا كانت جهود بلينكن ستنجح في تحقيق تهدئة فعلية، أم أن التصعيد سيستمر مع استمرار تعنت الأطراف المتصارعة وغياب حل سياسي شامل. 
في النهاية، زيارة بلينكن ليست مجرد محاولة لإنهاء الحرب الحالية، بل تمثل خطوة نحو إعادة صياغة التوازنات السياسية في المنطقة بأسرها، ونجاح هذه الجهود يتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا على خطوات محددة، تتضمن تعزيز الدعم للسلطة الفلسطينية وتوفير الضمانات اللازمة لإعادة الإعمار واستدامة الحلول السياسية.