عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jan-2021

وجع الفقر أعمق من «كورونا»*عمر عليمات

 الدستور

تلوم الحكومة الناس على عدم التزامهم بسبل الوقاية من فيروس كورونا، إلا أنها في ذات الوقت تتغاضى عن الإجابة الأهم للسؤال الذي يؤرق غالبية المجتمع وهو: ماذا بعد كورونا، وما هي خطة التعافي للخروج من هذه الظروف الصعبة، وإلى متى ستبقى متقوقعة في مرحلة الفيروس؟.
ما يشغل الشارع بحاجة إلى إجابات واقعية وإلى قناة اتصال تدرك كافة تفاصيل المشهد الأردني ولا تختزله بجائحة كورونا وأرقام الوفيات والإصابات وحالات الشفاء، فلو قامت الحكومة بإصدار نشرة ترصد حجم الضرر الذي لحق بقطاعات العمل، وعدد الأفراد اللذين فقدوا وظائفهم، والتجار الذين تكبدوا خسائر فادحة، وعمال المياومة الجالسين على قارعة الطريق وعيونهم ترقب أي باحث عن عامل، عندها ستهون أرقام كورونا وتصبح عبثاً أمام الأرقام التي ستظهرها مثل هذه النشرة.
الإصابة بفيروس كورونا لم تعُد الشغل الشاغل للناس، ومَن يقول غير ذلك منفصل عن المجتمع، فبين إحصائية الوباء والوضع المعيشي الضاغط على عصب الحياة، فأن أقل ما يقال «الغريق لا يخشى البلل»، وما حالة الاستهتار التي نشهدها إلا نتيجة طبيعية لحالة اليأس التي وصل إليها الكثيرون جراء الأثار الاقتصادية المرهقة.
ليس المطلوب من الحكومة أن تملتك «عصى موسى» وأن تقلب الأوضاع بين ليلة وضحاها إلى رفاه اجتماعي، ولكن هناك شريحة اجتماعية دخلت إلى مرحلة البؤس بكل ما تعني الكلمة من معنى، وأخرى غادرت الطبقة الوسطى لتنضم إلى شريحة الفقراء، ورغم ذلك وبعد مرور نحو عام على تفشي الوباء ما زلنا ندور في فلك الاشتراطات الصحية والإجراءات الاحترازية دون أن نخرج بخطة عمل واضحة للتعامل مع الوجع الأكثر حدة من كورونا وهو وجع الجوع والفقر.
مسؤولية الحكومة ليست تحليل الوضع القائم والأسباب التي أدت إلى ذلك، وتحميل المسؤولية لظرف عالمي قاهر، بل الخروج بحلول للمشاكل الاقتصادية وآثارها الاجتماعية، فمرحلة كورونا ستمر وتنتهي بغض النظر عن عدد الإصابات والوفيات، ولكن ما لن يمر بسهولة نتائج الوضع المعيشي للناس وانعدام الثقة بين ما يقوله المسؤول وما يعيشه الشارع فعلياً، فمن لا يستطيع تأمين احتياجات أسرته لن يقنع بأي تصريحات تحمل المسؤولية لأزمة أصابت مختلف دول العالم، فالحكومة عليها مسؤوليات كبيرة وعديدة وهي ليست «حكومة كورونا» والجائحة ليست المذنب الوحيد فيما وصلنا إليه، وعلينا إدراك أن آخر ما نريده تصدع المجتمع في مرحلة نواجه فيها تحديات إقليمية وترتيبات للمنطقة لا يعلم أحد منتهاها ومآلاتها.
باختصار لم يعُد هناك ما يقال، وما على المسؤول إلا النظر بعيون الناس ليعرف مدى الوجع وعمق الجرح الذي ينهش أجسادهم.