عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2021

التمرد بـ”الكابيتول”.. هل يتكرر في الغرب؟*محمود الخطاطبة

 الدستور

لم يكن يوم السادس من شهر كانون الثاني الحالي، يومًا عاديًا بالنسبة للأميركيين، وديمقراطية أعظم دولة في العصر الحالي، في بداية عام جديد، قد تكون مقلقة، ليس للأميركيين فقط، بل للعالم الغربي، الذي أهم ما يميزه ديمقراطيته، التي يتغنى بها في كل وقت وحين.
في ذلك اليوم، عاشت ديمقراطية الولايات المتحدة أسوأ أيامها، عندما اقتحم الآلاف من الأميركيين، مبنى الكابيتول (الذي يضم مجلس الكونغرس، بشقيه النواب والشيوخ)، بُعيد خطاب للرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، قال فيه إن “الانتخابات سُرقت منه”.
لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، يحصل أن تتوقف الحياة السياسية في واشنطن، ويتعرض مبنى الكونغرس لأحداث شغب واقتحام، قبيل جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، للمصادقة على فوز الرئيس جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، التي جرت في الثالث من شهر تشرين الثاني 2020.
عدة إشارات، يستطيع القارئ الخروج بها، جراء أحداث “اليوم الأسود” في تاريخ الولايات المتحدة، أولها وصف الرئيس الجديد بايدن، أولئك المقتحمين لمبنى “الكابيتول”، بأنهم إرهابيون، الأمر الذي يُوحي بضرروة وضع أكثر من خط، لا بل عشرات الخطوط، تحت هذه الكلمة، كونها تُمثل اعترافًا من رئيس منتخب، بأن نسبة كبيرة من الشعب الأميركي “إرهابيون ومتمردون”.
ثاني تلك الإشارات، هو الموقف “المُشرف” لنائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، عندما طلب منه ترامب عدم التصديق على الانتخابات، فما كان منه إلا أن رفض ذلك، رغم أنهما يمثلان نفس الحزب (الجمهوري) ومقتنعان بمبادئه، قائلًا “إنه يدافع عن الديمقراطية الأميركية”..
وفي ذلك رسالة، إلى كل أولئك من أبناء جلدتنا، الذين يُناصرون ممن يشبهونهم، حتى لو كانوا ظالمين، لا يأبهون لمصلحة وطن أو حقوق مواطن، مفادها بأن البلد ومصلحته وديمقراطيته وتقدمه وازدهاره، أولًا وأخيرًا.
وثالث تلك الإشارات، هو موقف القضاة، الذين قام الرئيس ترامب بتعيينهم، قبل فترة، طمعًا في الوقوف لجانبه، عندما يطلب منهم قبول قضايا زاعمًا فيها بوجود تزوير في الانتخابات، فما كان منهم إلا أن أكدوا بأن مصلحة الولايات المتحدة والديمقراطية الأميركية، أهم من أي اعتبار آخر.
رابع الإشارات، وأهمهما، هو التخوف من أن تكون “هجمة الكابيتول”، بداية لهجمات أخرى، من قبيل التمرد أو الانقلاب على السلطة المنتخبة، أو حتى على الديمقراطية الأميركية، التي لا يتغنى بها الأميركيون وحدهم فقط، بل العالم أجمع، وعلى رأسهم، نحن أمة العرب.
وهنا أطرح سؤال، قد يكون أمنيات لمئات الملايين من العالم العربي، هل ستتمدد عدوى التمرد على صناديق الاقتراع، وعدم الاعتراف بالنتائج الشرعية، لباقي دول العالم، وخصوصًا الغرب؟.
يبدو أن مقولة الكثير من الخبراء والمختصين بأن العالم، بعد وباء فيروس كورونا، سيكون مختلفًا عما قبله، في كل شيء، بدأت تتحقق رويدًا رويدًا، فبعد اعتماد الكثير من الدول والحكومات وكذلك الأفراد، على التكنولوجيا في كل شيء، من تعليم عن بُعد، ودفع إلكتروني، وغياب عادات وتقاليد، بقيت لمئات العقود ملازمة للشعوب، ها هي ديمقراطية أعظم البلاد، تتعرض لنكسة.
إذا ما غض مجلس الكونغرس، بشقيه النواب والشيوخ، الطرف عن تلك الواقعة، وعدم محاسبة الرئيس ترامب، إما بعزله أو محاكمته، فإنني أتوقع أن تمتد عدوى التمرد على “الديمقراطية” إلى كثير من الدول الغربية.. أما نحن فالديمقراطية عندنا معلومة للجميع، لا تحتاج إلى كثير من الذكاء.