Wednesday 8th of May 2024
 

عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 

مواقع التواصل الاجتماعي

 
 
  • التاريخ
    05-Dec-2008

محمد سليم الرشدان.. همس الذكريات

الرأي -

- محمد سليم الرشدان، أديب كان يشغل الصحف والإذاعات، وألقى محاضرات في شتى ربوع الأرض، من اندونيسيا إلى أميركا مروراً بالإذاعة البريطانية والسورية والكويتية واللبنانية والأردنية.

في بداية القرن العشرين رأى الرشدان المولود عام 1918، القوافل التجارية التي تحمل البضائع المختلفة محملة الزيت والصابون، والاقمشة، تمر بمدينة السلط، وتتوزع على المدن الاردنية وتعود محملة الى فلسطين بمنتوجات الاردن من الزيت والجميد، والصوف.

سمع عن التعليم في فلسطين، وعن اسماء تربوية وأدبية كبيرة، وزوّده استاذه الشاعر محمد علي الحوماني معلم العربية، وسليم الزركلي معلم التاريخ بالكثير عن التعليم العالي في الجامعة المصرية، فترك مدرسة السلط الثانوية، ليقدّم المترك في القدس، ويلتحق بمعهد الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية، ويجمعُ ما بين التدريس في كلية الروضة صباحا، وحضور المحاضرات الجامعة مساء.

كان الرشدان أوّل الأردنيين الذين حصلوا على شهادة الماجستير في اللغات السامية في زمن متقدم من عمر الدولة الأردنية.

تبدو عصامية الرشدان ووعيه المبكر في التغلب على فقره، فهو يستدين بضع دنانير، ويذهب الى مصر للدراسة، ويقابل كبار الأدباء والمثقفين هناك، ويحول فقره دون الاستمرار بالدراسة.

يبدأ الرجل بالكتابة في مجلة الرسالة المصرية، وهي منبر ثقافي عربي متقدم للمستنيرين، ويواصل مرحتله الكتابية في مجلة الأديب اللبنانية وفي مجلة ألف باء السورية.

ارتبط الرشدان بوشائج الصداقة مع عدد من الشعراء، منهم: عرار، وحسني زيد، وعبد المجيد الحياري، وعبد الفتاح الحديدي، وحسني فريز.

كان هؤلاء الأدباء والشيوخ ممن مهدوا الطريق للأدباء الشباب ومن المربين الكبار والمثقفين الأوائل الذين لهم بصماتهم على الوعي الثقافي، ومن الموجة الأولى التي تفاعلت مع الجسم الثقافي في الوطن.

كتب محمد سليم الرشدان الشعر والنثر، والمسلسل التلفازي التاريخي، والمقالة في الصحف الأردنية المبكرة، وهو من الادباء الاردنيين المنسيين الذين اهمل النقاد دورهم الحقيقي، وبخلوا عليهم بالدراسة .

ولعلي احاول في هذه العجالة أن أُعطيه بعض حقه، في مدونة الذاكرة الادبية، فهو كثير الانتاج، لديه جلد على القراءة والكتابة، عصاميّ منذ طفولته، وفي أواخر أيامه أطلعني على عدد من المخطوطات التي تنتظر النشر. فقد كان انطوائياً، قليل الكلام، يلوذ بعالم القراءة والكتابة، ولا يكشف عن ذاته إلا لقلة من الأصدقاء.

قد لا يعرف احد من الدارسين انه علم اللغة العربية في العراق لكثير من المفكرين والأدباء، ودَرّسَ في دار المعلمين بدمشق، وخرّج أساتذة ومفكرين، ومن زملائه فيها المفكر علي الطنطاوي، وفي فلسطين يستذكر انسجام الناس ووعيهم الوطني، ومودتهم للقريب التي وصلت إلى حد أحسن فيه أنه واحد منهم.

تشربت روحه مبادئ الوعي على القضية الفلسطينية، وعاش ثورة 1936، وكتب عن ملابساتها، ورافق الحركة الأدبية العربية، وكتب في الصحف الأردنية، ومنها: جريدة الجزيرة لتيسير ظبيان، و(الشرق العربي) لمحمد الشريقي، و النسر لصبحي القطب و الرائد لأمين أبو الشعر، و الحكمة لنديم الملاح، و العروبة لمحمود ابو غنيمة، و الأردن لخليل نصر.

عاد بعد تطواف في العالم العربي إلى الأردن، ورأس تحرير مجلة (رسالة المعلم)، وتولى الإشراف على النصوص الأدبية في التلفاز الأردني، وقدم مسلسلات: موكب الهدى، الظاهر بيبرس، خالد بن الوليد، ومن كتبه: ديوان همس الذكريات، في ظلال النبوة، أساطير فارسية، قصص مختارة من الأدب الإنجليزي، بطولات من تاريخنا، نهج العبرية للدراسات الجامعية، المنهل في اللغة والأدب، أيامنا الخالدات، ومع الادباء.

حاضر عن اللغات السامية في الجامعة الاردنية لعدة سنوات.

ومن قصيدة منشورة في همس الذكريات ، عن الكتاب وقيمته:.

بلوت بهذه الدنيا صحابي

صديقٌ لا يُملُّ له حديثٌ

وأَنْ أقبلتَ من سأم عليه

وسامرني بأنباء القدامى

ولست بمنفق إلا لديه

ولست بمصطفى إلاّه خِلاً

ولست بمؤثر ابداً سواه

فما لاقيتُ اخلفي من كتابي

وخل لا يروغ ولا يحابي

تدفق بالاحاديث العِذابِ

وساق شواهد العجبِ العُجابِ

فراغي في المشيبِ وفي الشبابِ

ولوجَّ الأحبةُ في عتابي

فذلك غايتي ومدى طلابي