Saturday 4th of May 2024
 

عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 

مواقع التواصل الاجتماعي

 
 
  • التاريخ
    14-Dec-2010

ظل الديكتاتور ' مسرحية ' توثيقية لأوجه الاستبداد السياسي

القدس العربي -

القاهرة ـ : في ظل ندرة النصوص المسرحية التي تعيشها الساحة الثقافية العربية، وتراجع هذا النوع من الأدب، لصالح الأنواع الأدبية الأخرى كالرواية والقصة، تطرح اليوم تساؤلات عديدة، لعل من أبرزها، هل تحول المسرح العربي في الآونة الأخيرة إلى مسرح عرض فقط؟ وما السر الذي يقف وراء غياب الاهتمام بالنص؟

مما لا شك فيه، أن المسؤولية لا يمكن تحميلها على طرف بعينه، كأن يصار إلى تحميل الكاتب أو المثقف العبء الأكبر من تلك المسؤولية، بقدر ما يتحلمها معه جمهور القراء من ناحية، ودور النشر من ناحية أخرى.

لكن، وبكل الأحوال، كما يصر الكاتب السوري ثائر الناشف في سياق تقديمه لمسرحيته الجديدة ' ظل الديكتاتور'، أن المسرح العربي إن على مستوى النص أو العرض، لا زال يلفظ أنفاسه ما قبل الأخيرة.

ويسلط الناشف في مسرحيته الصادرة حديثاً عن منشورات الفرات في القاهرة، والتي تقع في 232 صفحة الضوء على شخصية الحاكم المستبد، ويرصد عبر خمسة فصول، صراع الإرادات السياسية بين الحاكم وأبنائه، وبين الحاكم وأعوانه من ناحية أخرى، مبرزاً أوجه الاستبداد السياسي ومساوئه على حياة المجتمع والإنسان في كل زمان ومكان.

فالأسلوب الذي اتبعه الكاتب في نسج خيوط المسرحية والعقدة التي حبكت أحداثها، أقرب ما يكون إلى أسلوب السرد الدرامي المليء بصور العنف والاستبداد، وهو أسلوب حداثي - رومانطيقي، اعتمد على المزواجة بين الأدب والسياسة في توصيفه وتوثيقه لفكرة الاستبداد من جهة، وبين الأدب والفن من خلال استخدامه للحوار ( الديالوغ) بشكل مكثف بين الشخصيات، بالإضافة إلى استخدامه للصور المتنوعة ( المشاهد) التي ملأت النص وظهرت في ذهن القارئ بتقديرات مختلفة وفقاً لثقافته ولتخيلاته وتصوراته التي تتبلور لديه بمجرد المباشرة في القراءة من جهة ثانية.

ولم يختلف أسلوب البناء الذي اعتمدت عليه مسرحية ' ظل الديكتاتور' عن الاسلوب الذي قدمه الكاتب في أولى أعماله المسرحية ' الزمن الرديء' فالتوثيق الخالي من أي ضوابط رقابية على مستوى موضوع النص، كان الأداة الأساسية التي اعتمد عليها في نسج الحوار.

كما لم تخلُ المسرحية من صور التهكم والتندر والسخرية رداً على استبداد الحاكم، الذي تمثل بشخصية الزعيم، جامعاً في استبداده كل أوجه الطغيان والغطرسة والعنجهية التي يمارسها على أفراد شعبه، من دون أن يكشف الكاتب النقاب عن شخصية الزعيم، لهذا لم ترتبط المسرحية بزمان ومكان معين، ولا يغفل على القارئ أن الواقع الذي تدور فيه المسرحية أقرب ما يكون إلى الواقع العربي.

فالتعميم الذي قصده الكاتب ثائر الناشف على مستوى النص، والغموض الذي لف شخصيات المسرحية، كشخصية عسال وسياف وكاسر، جميعها اسماء لها دلالاتها الرمزية المستوحاة من مفرادت القوة، هدف من خلاله إلى وضع المسرحية في إطار أعم وأشمل.

أما الحلول التي قدمتها المسرحية، كانت حلولاً جذرية، قد لا تتناسب مع طبيعة بعض المجتمعات، فعدا عن التطرق لفكرة الاستبداد التي طرحها الكاتب في كل فصل ومشهد، فإن قضية الصراع بين قيم التحرر وروح الاستبداد، التي تجلت بوضوح في الفصل الأخير، من خلال الثورة العارمة التي قادتها الجماهير الغاضبة ضد الزعيم، وضد ظله المتمثل بحاشيته وأزلامه، تختلف أشد الاختلاف عن الحلول التي طرحتها بعض النصوص المسرحية التي تنتمي إلى طائفة الأدب العالمي، حيث أن معظمها انتهى بنهايات تراجيدية مأساوية، كان الشعب أو الإنسان ضحيتها الأولى، في حين سجلت نهاية مسرحية ' ظل الديكتاتور' انتصاراً للإنسان المعاصر على الاستبداد، وهذا هو الجديد الذي قدمته المسرحية.