Monday 29th of April 2024
 

عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 

مواقع التواصل الاجتماعي

 
 
  • التاريخ
    12-Jun-2005

جهود الكاتبة الامريكية اليزابيث فيرني في الترجمة والتعريف بالثقافة العربية وفهم سياقاتها

القدس العربي -

في ندوة ادب المرأة الحديث كما يراه الغرب التي أقامتها مجلة تايكي الاردنية:

عمان :- نظمت مجلة تايكي الأدبية النسوية التي تصدرها أمانة عمان الكبري ندوة متخصصة بعنوان أدب المرأة الحديث كما يراه الغرب وذلك في مركز الحسين الثقافي بعمان، بمشاركة الكاتبة الامريكية اليزابيث فيرني التي عاشت في بعض البلاد العربية لسنوات طويلة وخصصت جل أعمالها لتقريب وجهات النظر بين الثقافتين بكل نزاهة، وكان الروائي العراقي علي بدر قد قدم فيرني وأبرز انجازاتها في ورقة منفصلة ،

كما شاركت الروائية الفلسطينية سحر خليفة بمداخلة عن انطباعاتها عن الثقافة الامريكية من خلال خبراتها الخاصة، وعن مجلة تايكي قدمت الكاتبة كاترينا حمارنة ورقة تستعرض فيها انجازات المجلة والتعريف بجهودها في الساحة الثقافية الأردنية والعربية، وأخيرا قدمت الكاتبة اليزابيث فيرني ورقة بعنوان تبدل السياق في الترجمات الجديدة لكتابة المرأة العربية ومما يذكر أن معرضا موازيا للندوة أقيم بالتعاون بين مجلة تايكي والدائرة الثقافية والجمعية الأردنية للتصوير وجمعية تنمية وتأهيل المرأة الريفية ودور نشر أردنية عرض للنتاج الابداعي النسوي في الأردن اضافة الي توثيق ببليواغرفي من مكتبة المبدعات العربيات المغتربات أعده الناقد نزيه ابو نضال، ومعرضاً للأزياء النسوية الأردنية ولا سيما الريفية اضافة الي معرض لما صدر من أعداد مجلة تايكي التي ترأس تحريرها القاصة بسمة النسور، ونظرا لأهمية هذه الندوة التي حضرها حشد كبير ومتميز من الكتاب والمثقفين الأردنيين والعرب والأجانب نورد هنا ملامح من أبرز هذه المداخلات:

بدر: انجازات فيرني الفكرية

الروائي و الباحث العراقي المقيم في عمان علي بدر قدم بحثا بعنوان اليزابيث فيرنيا: لمحة سريعة عن انجازاتها الثقافية والفكرية وجاء فيه ان الحديث عن اليزابيث وارنوك فيرني هو الحديث عن العلاقة الحميمة مع شرقنا العربي والاسلامي والتي امتدت منذ اواسط الخمسينيات من القرن الماضي وحتي اليوم، اي منذ وصولها شابة مع زوجها عالم الأناسة روبرت فيرني في العام 1956 الي العراق، ومنذ كتابها ضيوف الشيخ وهو الوصف الاثنوغرافي الجذاب لقرية عربية في جنوب العراق، وبالرغم مما يشوب هذا الكتاب من اثارة وجاذبية مقصودة فان الحديث عن الشرق العربي الصعب المنال يصبح قريبا، والحديث عن الآخر المبهم نسبة الي الغرب يصبح اكثر قربا، ويصبح الآخر، المتمرد والعاصي في كتابات الرحالة والمستشرقين أكثر حميمية وألفة وحياة، وربما أعادت فيرني بشكل مؤثر هذه الصورة التي كتبتها عن النساء القرويات في جنوب العراق بعد اكثر من اربعين عاما في مقالتها الشهيرة النسوية الاسلامية بحثا عن صوت مختلف ،

لقد وصفت فيرني بعمق لحظات وصولها الي الشرق الأوسط أول مرة عروسا شابة مع زوجها عالم الاناسة روبرت فيرني، فقد قدر لزوجها آنذاك ان يكتب بحث الدكتوراة في قرية من قري جنوب العراق، وقبل ان تصل الي هذا المكان الغامض والمبهم عليها كلياً، كانت تهييء نفسها للاسهام في تنوير نساء الأرياف المسلمات هناك، واللواتي ـ كما كانت تعتقد يعشن في جهل وظلم ـ واذا بفيرني تفاجئ ان نساء القرية ينظرن اليها بشفقة لأن صورة المرأة المثالية في الريف العربي مختلفة كليا عما هي عليه في الغرب.....، ان الاختلاف الثقافي وقبول الآخر ورفض النموذج الواحد هي العناصر التي شكلت كل انجازات فيرني، ومن هنا جاءت الافكار الجريئة في كتابها بحثا عن النسوية الاسلامية ،

لا في تدمير الصور النمطية والكليشيهات عن المرأة العربية والمسلمة حسب، انما في تعبيرها الجريء عن النسوية الاسلامية والتي اعتبرتها بأنها قادمة من التراث العربي الاسلامي لا من النموذج الغربي، طالما كانت موضوعات المرأة العربية والعائلة العربية والشرقية والاسلامية من صلب اهتمام الغرب، فان فيرني مهمة في هذا المجال، ذلك لان البعيد علي الجغرافيا يصبح مجاورا علي الورق، وتصبح الشخصية العربية الغامضة والمهددة والمنفرة في الدراسات الاستشراقية القديمة قريبة ومفهومة ومتكلمة، فما تريده كتاباتها ـ ربما

ـ ان لا تبقي جغرافيتنا كما صورتها السينما الامريكية والصحافة السريعة والكتابات السهلة، مهجورة او بربرية او عنيفة وان لا يكون وجودنا لخدمة اغراض الغير انما نحن موجودون لانفسنا، وان أرضنا هي مكان اخاذ عاش عليه الكثير من الأصدقاء القادمين من أراض شتي، كما عاشت عليها فيرني مع صداقاتها العربية الكثيرة، وكما ولدت أبناءها هنا، وعاشت وتعلمت وعلمت وناقشت، لقد جعلت فيرني من كتبها تجربة وارتحالا فالمكان حميمي وأليف وليس فرجة سياحية، وهكذا كانت في كتابها ضيوف الشيخ الذي خصصته لجنوب العراق، و مشهد من النيل الذي خصصته لمصر، و شارع في مراكش حين عاشت هي وعائلتها في المدينة الاسلامية التقليدية .

اليزابيث: أهمية السياق

في فهم النصوص

واعتذرت الكاتبة الامريكية اليزابيث فيرينا كونها لا تتقن اللغة العربية بشكل يمكنها من القراءة والترجمة دون الاستعانة بالأصدقاء، مشيرة الي أنها تؤمن بأن الترجمة عبارة عن ورشة يفضل أن يكون فيها من يتقن الانكليزية من أهلها، ومن يتقن العربية من أهلها معا، لتصل الي درجة عالية من الدقة، مشيرة الي أن الترجمة كثيرا ما تعد عملا سياسيا الأمر الذي يؤثر علي نوعية الكتب المنتقاة لترجمتها وايصالها الي الآخر.

وبينت د. فيرينا من جامعة تكساس التي تدرس فيها منذ ربع قرن أهمية هذه الجامعة في اصدار سلسلة طويلة من الترجمات تحت عنوان دراسات شرق اوسطية اغلب ترجماتها من الرواية العربية اذ ترجمت 16 رواية عملت علي ترجمة أغلبيتها بنفسها، وأكدت د. فيرينا علي أهمية توفير الترجمات الحديثة للأدب العربي في الغرب، وعدم الركون الي الترجمات القديمة، والأخذ بعين الاعتبار موضوع السياق الذي يضع القارئ في جو أحداث العمل الأدبي وتصفه بقولها هو الغابة التي تقف فيها الأشجار، وكلما اخذ السياق التاريخي والاجتماعي للحدث الادبي بالحسبان أمكن للقارئ أن يري بشكل أفضل، خصوصا وان نصوص العالم الثالث لا تلبي متطلبات النقاد الجدد الذين يستخدمون التأثير علي الأدب بواسطة السياسة، التي يبدو أثرها واضحا علي الترجمة وعلي المترجمين وبالتالي القراء.

مشيرة الي ان غالبية ما ترجم الي اللغة الانكليزية من الأدب العربي يواجه بنوع من سوء الفهم في ظل جهل القارئ الغربي بالمعطيات الاجتماعية والسياسية ومثال ذلك ما كتبه الروائي نجيب محفوظ، فيضطر القاريء الغربي الذي يجهل الحياة الشرقية الي خلق حال متخيلة حول الكاتب، تصوغ علاقة القارئ بما يقرأ، ودائما لا يجد القارئ الغربي أمامه سوي الصور النمطية ليعززها، وفي هذا شيء من الغموض الذي يلحق الأذي بالأدب العربي وخصوصا الأعمال الأدبية للمرأة العربية .

واشارت د. فيرينا الي كتابها ضيوف الشيخ وعنوانه الفرعي دعوة لزيارة الحريم مشيرة انه نجح ككتاب ويدرس في الجامعات مع ان الكتاب يتحدث عن الحريم وقمعهن كما استحضرت نجاح كتابات بعض الأديبات العربيات مثل زهرة الشيخ بالانكليزية والفرنسية والتي تتحدث عن النساء بوصفهن ضحية للقمع والسلطة الابوية في ظل الاحتلال، منوهة ان الاكثر رواجا من بين الكتب العربية في الغرب كتب الباحثة والكاتبة المصرية نوال السعداوي وخصوصا مذكراتها كسجينة التي نشرت في العام 1983 في بريطانيا وامريكا، مؤكدة ان المذكرات الشخصية لمن قررن من النساء المصريات المعروفات ارتداء الحجاب تجد اقبالا كبيرا في الغرب الذي يريد ان يعرف الكثير عن المرأة في الشرق.

كما أكدت د. فيرينا ان الصورة السلبية للمرأة العربية عموما بدأت تتغير في الغرب خصوصا وان التعليم بدأ يزداد في الشرق، والنساء العربيات بدأن يشرحن قضاياهن، مشيرة الي ان اول معرض لكتابات المرأة العربية أقيم في القاهرة العام 1995 بحضور 25 ناشرا عالميا مستغربة من قول احد الناشرين العالميين انه لا يعرف ان المرأة العربية تكتب، فما كان مني الا ان أشرت الي 175 كتابا مختلفا انتج من نساء مبدعات عربيات، وهذا يضع المرأة العربية وابداعها في الضوء.

ونوهت د. فيرينا الي أن الخيارات كبيرة جدا ومتوفرة للترجمة من العربية الي اللغات الاخري خصوصا وان الادب المقارن اصبح يدرس في كل الجامعات وعلي سبيل المثال استحدث تدريس الأدب المقارن في جامعة تكساس منذ 15 عاما وتمنح فيه درجات البكالوريوس، والماجستير والدكتوراه، مؤكدة ان كل من يتخرج من هذا التخصص يجد العمل المناسب فوراً، أما برنامج دراسات المرأة في جامعة تكساس فهو في السنوات الاخيرة أصبح يجد أعمالا مناسبة للترجمة شريطة ان تكون غير مألوفة وهذا الأمر الذي يشجع الكتاب والمحررين وان كان لديكم ما يمكن ترجمته فانا علي اتم الاستعداد.

وتناولت فيرني تجربة الكاتبة الجزائرية آسيا جبار التي لجأت الي الرواية الفنتازية فأبدعت ووجدت ترجماتها صدي كبيرا في الغرب وكذلك الكاتبة ليلي ابو زيد والتي ذهبت في رواية الفيلة الي عمق الأسطورة المصرية والحضارة الفرعونية في سياق اجتماعي فنتازي مع وجود النزاع السياسي المحلي في احداث رواية امرأة مصرية تمتاز حياتها بالتعقيد خصوصا بعد اعادة فتح قبرها ووجود زهرة اللوتس فيه، ودعت د. فيرينا في نهاية بحثها الي اهمية تسليط الضوء علي الغابة بأكملها وليس علي الشجرة التي تخفي هذه الغابة خلفها فحسب مشيدة بقدرة الروائية سحر خليفة في روايتها الصبار والتي عملت عليها د. فيرينا قبل سنوات.

خليفة: أنت وجه امريكا الجميل

من جهتها قدمت الروائية الفلسطينية سحر خليفة ورقة هجومية ساخنة بالانكليزية هاجمت فيها السياسة الامريكية و تحدثت فيها عن تجربتها الخاصة في العيش بامريكا لثماني سنوات اذ تلقت تعليمها هناك وتعرفت علي الناس والثقافة الامريكية وعقدت الصداقات وواجهت عداوات وقد أثرت هذه الكلمات في الكاتبة الضيفة واغرورقت عيناها بالدموع وردت بأنها لا تمثل سياسات بوش بل دفعت ثمن مواقفها ضد هذه السياسات هي وزوجها وأبناؤها وفقدت عملها لذلك ،وقالت خليفة عن الجوانب الايجابية هناك أعجبت بالترتيب والنظام الامريكي للأشياء وأصابتني الغيرة من التزامهم الدقيق بالوقت والنظافة، وتعلمت الكثير من جامعاتهم ومتاحفهم وأدبهم:

ملفيل، مارك توين، فولكنر، همنغواي، يودورا ولتي، توني مورسون، أليس ووكر ...الخ. وفوق كل ذلك أعجبت جدا بانجازات الحركة النسائية. باختصار هناك الكثير لنتعلم من وعن تلك الثقافة، وبالمقابل هناك الكثير مما يدعو للتخوف من تلك الثقافة فضلا عن الكثير من السلبيات اذ بالرغم من الخطاب الاستعراضي والوعظي الذي نسمعه عن الديمقراطية الامريكية وحرية الرأي وحرية التفكير، فانني اعتقد ان الثقافة الامريكية ليست بذاك المستوي من الحرية والديمقراطية.

وفيما يخص هذه الناحية بالتحديد، لا تعد امريكا النموذج الامثل الذي يحتذي وبالرغم من تعقيدات هذا الجانب الكثيرة ،ان الثقافة الامريكية شأنها شأن الثقافة الغربية عموما مبنية علي العنصرية فتاريخهم العنصري لا زال يجرجر حتي هذه اللحظة، الامريكيون الاصليون ـ الهنود الحمر، الامريكيون الافارقة ـ السود، المكسيكيون ـ وكل التشيكانو، والصينيون والآخرون من الاقليات العرقية ما زالوا يواجهون ويتعرضون للممارسات العنصرية.

ونوهت خليفة ان الامريكيين بالمجمل متحيزون ضد العرب، يتحيزون لليهود مع انهم في أعماق قلوبهم لا يحبونهم - كالعادة لأسباب عرقية . لكن الصهيونية واللوبي اليهودي فعلوا المعجزات هناك حيث انهم يؤثرون في الاعلام الامريكي، والمؤسسات التعليمية والجامعات، والفنون وصناعة الافلام وفوق كل ذلك في السياسة الامريكية الخارجية. فهم الذين يخططون ويوجهون اجندة الادارة الامريكية السياسية وخاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط .

وهذا ليس بالسر فالجميع يلمس هذا بقوة ويتحدث عنه علنا، والغالبية منا كتبت عنه،.... أما عن صورتنا كعرب في امريكا فهي مقيتة، وهذا نتيجة عنصريتهم التاريخية وجراء الجهود الصهيونية الذكية، وللمحاولات الكسولة، وغير المتطورة للأقليات العربية في امريكا وللأنشطة الغبية ـ او اللاانشطة ـ التي يقوم بها الدبلوماسيون والساسة العرب.

صورتنا كما تعلمون جميعا، ليست جميلة في عيوننا كعرب ايضا. ولهذا ندعو، نحن المفكرين والكتاب واصحاب الضمائر من رجال ونساء للاصلاح والتغيير: التغيير الاجتماعي، والاقتصادي والعلمي ولكن الامريكيين لا يرون ولا يتجاوبون الا مع الجانب السلبي منا....، اننا ككتاب ومفكرين ونسويات وانسانيين ومناهضين للتمييز العنصري نؤمن بدورنا كرواد وقادة وبقدرتنا علي التأثير في عقول الآخرين وقدرتنا علي شق الطريق نحو عالم أفضل أكثر انسانية وجمالا، ...نرحب اليوم من أعماق قلوبنا بضيفة مميزة، وأخت في الانسانية التي نعرف تحفظاتها بشأن ثقافتها الامريكية بالقدر الذي نتحفظ فيه علي ثقافتنا وثقافتها، ونعرف أن زيارتها مكللة بالنوايا الحسنة، ونعرف أن نظراءها ونظراءنا باستطاعتهم أن يضيئوا أجواءنا المعتمة، أنت وجه امريكا الجميل، وجه نحب رؤيته في امريكيين آخرين ..!

حمارنة: جهود مجلة تايكي

من جهتها كانت عضو هيئة تحرير تايكي الكاتبة كاترينا حمارنة قد عرفت في بداية الندوة بتجربة المجلة التي انطلقت العام 1999 لتصبح اول مطبوعة اردنية متخصصة في مجال الابداع النسوي كما أشارت الي ان تايكي تناولت في ملفاتها.

الابداع النسوي ورموزه وقضاياه بالدراسة والتحليل والنقد والتوثيق الببليوغرافي لرصد مدي مساهمة المرأة في هذه المجالات منطلقة من المشهد المحلي المتصل بالساحة الثقافية العربية وصولا الي الآفاق الانسانية وقالت: بهدف بناء جسور التواصل بين الملتقي العربي وبين المنجز النسوي العالمي تناولت تايكي في ملفات خاصة نماذج نسوية مهمة مبدعة في العديد من المجالات وعبر ابرز محطاتها وحقولها، خصوصا في السينما والفن التشكيلي، كما عبر رموزها الادبية والفكرية وكتاباتها الابداعية: فرجينيا وولف، فرانسوا ساغان، كريستينيا روستي، وفي هذا السياق افردنا ملفات حول نادين غورديمير، ناتالي ساروت، دوريس ليسنغ، سوزان سونتاج، روزا لوكسمبورغ، انجيلا كارتر، جورجيا اوكليف، ايريس مردوخ، كارول شيلدز، اناييس نن، وغيرهن، ..

كما احتفت تايكي بالرواية الاردنية، كجزء من التجربة العربية النسوية، لتسلط الضوء علي المنجز الأردني من كافة جوانبه: سماته، أساليبه، بنيته النصية، عبر تناول تجارب، سميحة خريس، ليلي الاطرش، غصون رحال، رفقة دودين، مي الصايغ، فيروز التميمي وغيرهن، وفي احتفائية خاصة اعد ملف خاص لتناول تجربة المبدعة زهرة عمر المرأة التي روت التاريخ الشركسي في الاردن بكافة ملامحه واساطيره وابطاله ووقائع الحياة، كما وخصصت ملفا للاحتفاء بالراحلة رجاء ابو غزالة المرأة التي ابدعت في مجالات عديدة وتركت بصمتها في المقالة والرواية والشعر والفن التشكيلي.

فضلا عن انخراط المرأة الاردنية في العمل المسرحي، والذي لولا اصرارها علي اختراق تابوهات المجتمع المحافظ لما امكن تحقيق هذا التميز في المنجز الدرامي، فكانت لـ تايكي وقفة مع ابداع رشيدة الدجاني، قمر الصفدي، سميرة خوري، ريم سعادة، سوسن دروزة، عبير عيسي، ربي عطية، غادة سابا وغيرهن من المبدعات.

كما سجلنا انجازات الاعلاميات الأردنيات من شهيدة الاعلام الاولي رهام الفرا الي رائداتنا في الاذاعة والتلفاز: هدي صلاح، كوثر النشاشيبي مرورا بالوزيرة والعين ليلي شرف مع الاطلالة علي تجربة المذيعة الأردنية عبر الفضائيات العربية، كما حاولت تايكي من خلال محور خاص بـ النقد النسوي تسليط الضوء علي مدي مساهمة الناقدة العربية في حركة النقد العربي الحديث وذلك عبر دراسة ابرز تجارب الناقدات واتجاهاتهن .

أحلام الاصلاح

علي كنعان

الفصل التعسفي بين السياسي والثقافي في سورية، كما هي الحال في أكثر من بلد عربي، هو العلة الاساسية المزمنة لمجمل ما يعانيه شعبنا من ويلات وأزمات. فالسياسي الذي يعادي الثقافي ويرفض ان يستنير بمصباح العلم والثقافة، لأن امتيازه الحزبي او الرسمي دفعه الي الاستغناء عن كل تحصيل معرفي متعب، فانكفأ في برجه العاجي مسلحا باعتقاد دوغمائي صارم: ليس في الامكان ابدع مما كان!

من هذه الزاوية، حصرا يمكن ان ننظر الي المؤتمر المنعقد في دمشق، بعيدا عن افكار المندوبين ومداخلاتهم داخل قاعة المؤتمر، وعن احلام الآخرين المنتظرين خارج القاعة. وليس من العلم ولا الحكمة ولا الانصاف ان ننسي المؤتمرات السابقة التي لم تكن اكثر من كلمات تبخرت في الهواء، واكداس من الاوراق المحبرة سرعان ما نامت في الخزائن، دون ان ينتفع بها حتي الفئران الشاردة في دهاليز المكاتب ومستودعاتها.

ليس هذا من باب التشكيك في حسن النوايا وصدقها ولا في سذاجتها وبطلانها، انما رغبة في مراعاة الوقت المهدور في مثل هذه المواسم التي اشار حكيم المعرة الي مثلها يوم تحدث عن شاعر البلاط في مصر الفاطمية، قائلا: ما اشبهه برحي تطحن قرونا!

الطريف في الموسم الجديد ان هناك عددا غير قليل من الجنرالات، في المؤسسات الحزبية والحكومية، تقاعدوا او احيلوا الي التقاعد وهم يحلمون بالعودة الي صدارة المشهد السوري، جهرة او من وراء حجاب، وربما كان في مقدمتهم (الدكتور) رفعت الاسد. وقبل الدخول في الموضوع، لا بأس ان نتوقف عند لقب (الدكتور) لانه يحمل ـ وفق المعجم السوري ـ دلالات علمية وعسكرية وامنية معا.

لقد أرسي قائد سرايا الدفاع قاعدة تحولت بفعل المحاكاة والمباركة ـ اذا تغاضينا عن الترغيب والترهيب! ـ الي عرف او عادة، فقد حظي بلقب (الدكتوراه) من احدي الدول الاشتراكية طيبة الذكر، وهو برتبة مقدم. وبعد تلميع هذه العلامة الفارقة في القاب الرجل، صار معظم العاملين في حاشيته يسعون للحصول علي تلك (الدال المذيلة بنقطة) حالما يعلقون رتبة مقدم. احدهم رفض الاستمرار في خدمته العسكرية وصار (استاذا) في قسم الفلسفة بجامعة دمشق، الي جانب الدكاترة المخضرمين: بديع الكسم، عادل العوا، صادق جلال العظم، الطيب تيزيني.. ولعله صار مشرفا عليهم ومسؤولا عنهم!

وبعد ترحيله (د.) رفعت.. الي المصايف الاوروبية، تنفس اعضاء الحزب بارتياح في مكاتب القيادة وسائر فروع الحزب، وراحوا يتوسلون الي الجامعات الاشتراكية للحصول علي نصيبهم من تلك (الدكتوراه)!

وهنا لا بد ان نميز بين الشهادات العلمية العليا التي حصل عليها اصحابها بجد ومشقة ونزاهة، وبين اولئك الانتهازيين الذين جاؤوا بشهاداتهم من بازار السوق السوداء بطرق خفية ملتوية وغير نظيفة.

ومن حقنا هنا ان نذكر بعض الاساتذة الجديرين بالاحترام، ومنهم: المرحوم الدكتور نايف بلوز، الدكتور عارف دليلة ـ فك الله اسره ـ والدكتور طيب تيزيني ـ امد الله بعمره.. وامثالهم.

انطلاقا من هذه الحقيقة الحلوة/المرة، اتمني تشكيل محكمة علمية اكاديمية، باشراف

الجامعة العربية او اليونيسكو، تعمل علي اعادة امتحان هؤلاء السادة المزورين، والتأكد من انهم قد تجاوزوا فعلا مرحلة التحرر من الأمية الثقافية والاخلاقية. ولعل في هذا الاجراء منطلق الاصلاح واولي خطواته العملية، وذلك لسبب بسيط هو ان الفساد الذي يبدأ بالتربية والتعليم لا بد ان ينتشر الي المؤسسات الاخري، ناشرا روائحه الزنخة في كل مجال.

*شاعر ومترجم سوري يقيم في ابوظبي